وَأَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَكَمَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي. وَقَدْ مَرَّ فِي نَظِيرِ هَذَا، إذْ قَبِلَ فِيهَا قَوْلَانِ مُخْتَلِفَانِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَمَا سَمِعَ الْبَيْعَ عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (١٠٢٤) تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِمُشْتَرِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَجِنْسِ الثَّمَنِ وَمِقْدَارِهِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ عَمَّنْ بَاعَهُ مِنْهُ وَبِكَمْ بَاعَهُ وَمَا جِنْسُ الْبَدَلِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَلِمَ شُفْعَتُهُ وَحُفِظَتْ حَتَّى إنَّ الشَّفِيعَ لَوْ سَلَّمَ شُفْعَتَهُ بِنَاءً عَلَى سَمَاعِهِ اشْتِرَاءَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ بِتَنْزِيلِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) .
أَمْثِلَةٌ أُخْرَى عَلَى سُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِلتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ:
١ - لَوْ اطَّلَعَ يَهُودِيٌّ عَلَى الْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَعَلَّقَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بِالْغَدِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
٢ - إذَا كَانَ لِعَقَارٍ ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سَبَبٌ لِلشُّفْعَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْ سَبَبِ الْآخَرِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَلَمْ يُجْرِ الْبَاقِيَانِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَمَا سَمِعَا عَقْدَ الْبَيْعِ بِدَاعِي أَنَّهُمَا لَا شُفْعَةَ لَهُمَا بِطَلَبِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمُشَارِكُ الْمَذْكُورُ الشُّفْعَةَ فَبَادَرَا إلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْحَالِ فَلَا تَكُونُ لَهُمَا شُفْعَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٥١) ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَكَذَلِكَ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (١٠٠٩)
اخْتِلَافَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي: لَوْ اتَّفَقَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ مُنْذُ أَيَّامٍ وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ أَجْرَيْتُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَمَا سَمِعْت بِالْبَيْعِ، وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَطْلُبْهَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ الْإِثْبَاتُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ قَدْ وَقَفْتُ الْآنَ عَلَى الْبَيْعِ وَأَطْلُبُ الشُّفْعَةَ، وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، فَلَمْ تَطْلُبْهَا، فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
قِيلَ شَرْحًا " بِلَا عُذْرٍ "؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الشُّفْعَةِ الْوَاقِعَ فِي الطَّلَبَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الشُّفْعَةِ لَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ. كَذَلِكَ لَوْ سَدَّ أَحَدٌ فَمَ الشَّفِيعِ كَمَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ فَوْرًا وَطَلَبَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) .
[ (مَادَّةُ ١٠٣٣) أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ مُدَّةً يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ فِيهَا]
(مَادَّةُ ١٠٣٣) -، (لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ مُدَّةً يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ فِيهَا وَلَوْ بِإِرْسَالِ كِتَابٍ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِالْإِعْرَاضِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٦٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute