وَاضِعُ الْيَدِ فَأَجْرُهُ مِنِّي) ؛ لِأَنَّ لَهُ عَدَمَ إيجَارِهِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ إلَّا إنْ زَادَ عَلَيْهِ آخَرُ فِي الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ فَتُؤَجَّرُ مِنْ الْآخَرِ، مِنْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ (التَّنْقِيحُ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَرْصَةً لِوَقْفٍ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ إيجَارَهُ مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ قَبِلَ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا غَيْرُهُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا.
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا فَيُمْكِنُ إيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَبَ إيجَارَهُ مِنْهُ، أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَعْلَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مَجْرَى مَاءٍ لِوَقْفٍ مَعَ مَائِهِ لِيَسْقِيَ مِنْهُ الشَّجَرَ الَّذِي غَرَسَهُ. وَبَعْدَ أَنْ غَرَسَ الشَّجَرَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ طَالِبًا اسْتِئْجَارَ الْمَجْرَى مَعَ الْمَاءِ وَكَانَ مِنْ الْمُحَقَّقِ أَنَّ الْمَجْرَى مَعَ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ تَذْبُلُ غِرَاسُهُ فَيُصِيبُهُ ضَرَرٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ طَالَبَ الِاسْتِئْجَارَ بِبَدَلِ الْمِثْلِ فَتُؤَجَّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ بِبَدَلِ الْمِثْلِ، وَلَا تُؤْجَرُ لِلثَّانِي (التَّنْقِيحُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) .
وَإِلَيْكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لِلْمَالِكِ عَدَمُ إيجَارِ مِلْكِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَالِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَعَدَمُ إيجَارِ مَالِ الْوَقْفِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِهِ تَعَنُّتٌ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ ذَكَر فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥١١) أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمُسْتَأْجِرُ مِفْتَاحَ الْمَأْجُورِ وَسَافَرَ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى فَلِلْآجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ، وَإِذَا وَجَدَ فِي الدَّارِ أَمْتِعَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَتُوضَعُ فِي مَكَان مِنْ الدَّارِ، وَلَا لُزُومَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٥٩٤) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ]
(الْمَادَّةُ ٥٩٤) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ وَيَلْزَمُ الْآجِرَ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. مَثَلًا لَوْ انْقَضَتْ إجَارَةُ دَارٍ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا الذَّهَابُ إلَيْهَا وَتَسَلُّمُهَا كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرْتَ دَابَّةً إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ وَيَتَسَلَّمَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ، وَلَمْ يَسْتَلِمْهَا وَتَلْفِتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ لَا يَضْمَنُ. أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ، وَالرُّجُوعِ مِنْهُ يَلْزَمُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ وَأَحْضَرَهَا إلَى دَارِهِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ. تَعُودُ مَئُونَةُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ إلَى مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنْفَعَةُ قَبْضِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٧) ، فَإِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْقَابِضِ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ تَكُونُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ لِلدَّافِعِ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ تَكُونُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهَا نَفْعٌ فِي الرَّدِّ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ تَكُونُ لَهُ الْمَنْفَعَةُ الْعَيْنِيَّةُ.
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute