بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الشِّرْبِ) .
فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ كَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا أَوْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ لِأَنَّ هَذَا الْحَرِيمَ هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) .
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي حَرِيمِ الْآخَرِ فَتُرْدَمُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٩) أَيْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَمْلَأَ بِئْرَهُ بِالتُّرَابِ وَأَنْ يَرْدِمَهَا لِأَنَّ إزَالَةَ جِنَايَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ تَكُونُ بِالْكَبْسِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ قُمَامَتَهُ عَلَى دَارِ أَوْ عَرْصَةِ الْآخَرِ فَيُلْزَمُ بِرَفْعِهَا وَلِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى أَنْ يَسُدَّ الْبِئْرَ الثَّانِيَةَ بِإِمْلَائِهَا بِالتُّرَابِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِمَصَارِيفِ سَدِّ الْبِئْرِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ سَدِّ الْبِئْرِ كَمَا ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ بَلْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ حَافِرَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانَ الْحَفْرِ ثُمَّ يَسُدَّهَا بِنَفْسِهِ فَتُقَوَّمَ الْأَرْضُ أَيْ الْحَرِيمُ أَوَّلًا بِلَا حَفْرٍ وَثَانِيًا بِالْحَفْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَضْمَنُهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا إذَا هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُؤَاخِذَهُ بِقِيمَتِهِ لَا بِبِنَاءِ الْجِدَارِ.
يُرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَعْتَبِرْ هَذَا الْقَوْلَ بَلْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ كَأَنْ تَقَعَ دَابَّتُهُ فِيهَا فَتَتْلَفَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَفَرَهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَهُوَ مَالِكُهَا وَإِذَا حَفَرَهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا فَقَدْ حَجَرَهَا وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فَيَضْمَنُهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَحَرِيمُ الْيَنَابِيعِ وَالْأَنْهُرِ وَالْقَنَوَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ يَتَصَرَّفُ بِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّصَرُّفُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَإِذَا تَصَرَّفَ آخَرُ فِيهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرَادَ بِضْعَةُ أَشْخَاصٍ زَرْعَ أَخْضَارٍ فِي مَوَاضِعِ الْأَوْحَالِ الَّتِي يُلْقِيهَا النَّهْرُ الْجَارِي لِطَاحُونِ أَحَدٍ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونِ مَنْعُهُمْ (الْبَهْجَةُ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٢٨٧) حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِ الْآخَرِ]
الْمَادَّةُ (١٢٨٧) - (إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِ الْآخَرِ فَيَكُونُ حَرِيمُ هَذِهِ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَيْضًا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى عَلَى حَرِيمِهَا) إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرٍ أُخْرَى أَيْ حَفَرَ بِئْرًا خَارِجَ حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ مُنْتَهَى حَرِيمِهِ فَيَكُونُ حَرِيمُ هَذِهِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ الْجِهَاتِ الْأُخْرَى أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَيْضًا وَسَبَبُهُ قَدْ تَبَيَّنَ - فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٢٨١) ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى عَلَى حَرِيمِهِ لِأَنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ الْأُولَى قَدْ أَصْبَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute