أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحَمْلِ وَالْمُؤْنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فَالْمُشْتَرِي يُسَلِّمُهُ حَيْثُمَا شَاءَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّسْلِيمِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الشَّرْطُ بَلْ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ حَيْثُمَا أَرَادَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمُهُ مُؤْنَةً وَكُلْفَةً وَقَدْ قُيِّدَ الثَّمَنُ بِالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَجَّلَ الَّذِي لَا يَتَطَلَّبُ تَسْلِيمُهُ نَفَقَةً إذَا اُشْتُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (بَزَّازِيَّةٌ. أَنْقِرْوِيٌّ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْبَائِعِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَالْبَيْعُ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا فِيهِ فَائِدَةٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَفْسُدُ.
[ (الْمَادَّةُ ٢٣٩) إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا]
(الْمَادَّةُ ٢٣٩) إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا فَالْعِلْمُ بِهِ يَحْصُلُ بِمُشَاهَدَتِهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَإِذَا كَانَ غَائِبًا يَحْصُلُ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ.
الثَّمَنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْإِشَارَةِ كَمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ أَوْ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ كَأَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا دِينَارًا وَبَيَانِ وَصْفِهِ كَأَنْ يُذْكَرَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَنَّ الدِّينَارَ فَرَنْسَاوِيٌّ أَوْ إنْكِلِيزِيٌّ أَوْ عُثْمَانِيٌّ يَعْنِي أَنَّ الثَّمَنَ يَعْمَلُ بِالْإِشَارَةِ أَيْ إذَا أُشِيرَ إلَى الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ قَدْرِهِ وَوَصْفِهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ وَسَائِلِ التَّعْرِيفِ فَجَهَالَةُ قَدْرِ الثَّمَنِ وَوَصْفِهِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ لَا تَكُونُ بَاعِثَةً عَلَى النِّزَاعِ وَلَا مَانِعَةً فِي جَوَازِ الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ رِبَوِيًّا بِيعَ بِجِنْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ جُزَافًا لِاحْتِمَالِ الرِّبَا أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ زَيْلَعِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ قَدْ يَنْفَسِخُ فَيَلْزَمُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ.
خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ فِي الثَّمَنِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي مَحْفَظَةٍ بِحَيْثُ لَا يُرَى مِنْ الْخَارِجِ فَأَشَارَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَاشْتَرَى الْمَالَ بِالنُّقُودِ الَّتِي فِي هَذِهِ الْمَحْفَظَةِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ فَتْحِ الْمَحْفَظَةِ وَلَوْ كَانَ مَا فِي الْمَحْفَظَةِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَهُ قَبُولُ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي دَاخِلِ الْمَحْفَظَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ لَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَكُونُ فِي النُّقُودِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٥٥) .
وَكَذَلِكَ إذَا أَشَارَ الْمُشْتَرِي إلَى النُّقُودِ الْمَسْتُورَةِ وَظَهَرَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنَّهَا مُزَيَّفَةٌ أَوْ مِنْ نَقْدٍ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَمِنْ النَّقْدِ الْجَيِّدِ فَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَادَّعَى بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّهَا نُقُودٌ مُزَيَّفَةٌ وَأَرَادَ رَدَّهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ هَذِهِ النُّقُودَ غَيْرُ الَّتِي دَفَعْتهَا إلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَكَأَنَّهُ مُنْكِرٌ قَبْضَ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ مُتَعَيَّنٌ وَهُوَ يَدَّعِي فَسْخَ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ هَذَا الْعَيْنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَمِثَالُ الْبَيْعِ الَّذِي يُشَارُ فِيهِ إلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي يَدِي وَقَبِلَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ إذَا كَانَ الْبَائِعُ رَأَى الدَّنَانِيرَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِقَدْرِ الدَّنَانِيرِ وَوَصْفِهَا.
مِثَالٌ لِلْبَيَانِ صَرَاحَةً - وَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك حِصَانِي هَذَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ذِي الْمِائَةِ فَبِذِكْرِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ يُعْلَمُ الثَّمَنُ وَيَجِبُ أَدَاءُ الذَّهَبِ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي ذُكِرَ فَإِذَا كَانَ رَائِجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute