للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ بِعِشْرِينَ قِرْشًا لِيَذْهَبَ بِهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ وَيَعُودَ مِنْهُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ فَإِذَا لَمْ يَعُدْ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ؛ لَزِمَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَبِمَا أَنَّهُ يُعَدُّ مُخَالِفًا بِعَدَمِ مَجِيئِهِ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ الثَّانِي بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٥٩٦) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ بِذَلِكَ غَاصِبًا.

" الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ ".

وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ إذْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هَذَا الْيَوْمَ إلَى مَكَانٍ دَاخِلِ الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ بِهَا إلَى مَكَانٍ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَنُقِلَتْ الدَّابَّةُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ إلَى دَاخِلِ الْمَدِينَةِ أَصْبَحَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥٤٥) أَمْ أَنَّهُ مُطْلَقٌ؟ فَهَذَا أَمْرٌ يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي وَالتَّحْقِيقِ.

[ (الْمَادَّةُ ٥٤٧) اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً]

(الْمَادَّةُ ٥٤٧) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَذْهَبَ فِي أَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ وَلَوْ ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَصْعَبَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَسْهَلَ فَلَا.

أَيْ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ:

أَوَّلًا: أَلَّا يَكُونَ صَاحِبُهُ قَدْ عَيَّنَ الطَّرِيقَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَسْلُكَ أَيَّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِمَسِيرِهِ فِي إحْدَى الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١)) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي عُيِّنَ وَقْتَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ.

ثَانِيًا - إذَا عَيَّنَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ طَرِيقًا مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَعَدِّدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَسَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ طَرِيقًا غَيْرَ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الطُّرُقُ مُتَفَاوِتَةً أَيْ كَأَنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ، أَوْ أَوْعَرَ أَوْ أَخْوَفَ؛ فَفِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ تَعْيِينُ الطَّرِيقِ صَحِيحًا وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا بِمُخَالَفَتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الطَّرِيقِ فِيهَا مُفِيدٌ.

أَمَّا إذَا لَمْ تَتْلَفْ الدَّابَّةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ وَبَلَغَتْ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ سَالِمَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فَقَطْ (الْعَيْنِيُّ، وَالْبَزَّازِيَّة وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جِنْسُ الطُّرُقِ وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ حُكْمُ الْمُخَالَفَةِ بِظُهُورِ أَثَرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهَا أَلَا وَهُوَ هَلَاكُ الدَّابَّةِ وَمَتَى سَلِمَتْ الدَّابَّةُ وَسُلِّمَتْ إلَى صَاحِبِهَا لَا عَيْبَ فِيهَا؛ لَمْ يَكُنْ التَّفَاوُتُ بَيْنَهَا حَقِيقِيًّا بَلْ صُورِيًّا فَقَطْ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى.

سُؤَالٌ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ إذَا سَلِمَ يَجِبُ الْأَجْرُ وَبَيْنَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ رَكِبَ غَيْرَهُ وَسَلِمَتْ حَيْثُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>