[الْفَصْلُ الثَّانِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسَبَبِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي
فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسَبَبِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَكَيْفِيَّةِ اسْتِحْقَاقِ الْآجِرِ الْأُجْرَةَ
بِمَا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي هَذَا الْفَصْلِ سَبَبَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَكَيْفِيَّةَ اسْتِحْقَاقِهَا، رُئِيَ مِنْ الْمُنَاسِبِ الْإِتْيَانُ بِإِيضَاحٍ لِلْأُجْرَةِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ يَمْلِكُهَا وَيَسْتَحِقُّهَا كَمَا يَأْتِي:
تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ كُلَّ مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ.
مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ:
(١) إذَا صَنَعَ خَيَّاطٌ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَى غُلَامِ رَجُلٍ سَلَّمَهُ إلَيْهِ هَذَا الْغُلَامُ لَزِمَتْ الْغُلَامَ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَيَّاطِ إنَّ الثَّوْبَ لِسَيِّدِي فَخُذْ الْأُجْرَةَ مِنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٦١) " الْفَيْضِيَّةُ ") .
(٢) إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّ اسْمَهُ فِيهِ عَارِيَّةٌ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَانَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَحَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْأُجْرَةِ وَتَوْجِيهُ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ (التَّنْقِيحُ) .
(٣) إذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً تَسْكُنُ دَارًا بِالْأُجْرَةِ وَطَلَبَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمَرْأَةِ بَعْدَ وُصُولِهِمَا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا (إنَّنِي قُلْت لَك هَذِهِ الدَّارُ بِالْأُجْرَةِ فَيَلْزَمُك أَجْرُهَا) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهَا.
وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمَرْأَةَ لِكَوْنِهَا عَاقِدَةً. إذَا كَانَ كَفِيلًا لِمَا يَلْزَمُ ذِمَّةَ زَوْجَتِهِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهَا. أَمَّا إذَا ضَمِنَ الزَّوْجُ الْبَدَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
(٤) إذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ كَمِّيَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضُ حَمَّالًا فَنَقَلَهَا إلَى دَارِهِ لَزِمَتْ أُجْرَةُ الْحَمْلِ الْمُقْرِضَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ الْحَمَّالَ بِحَمْلِهَا فَلِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَقْرَضِ بِأُجْرَةِ الْحَمَّالِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْأُجْرَةُ لِمَنْ يُؤَجِّرُ:
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَا تَجْرِي فِي الْبَيْعِ فَلِذَا لَا يَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ لِمَنْ بَاعَهُ.
مَثَلًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِلْكَ آخَرَ فُضُولًا فَظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَالثَّمَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ.
وَوَجْهُ الْفَرْقِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَإِنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا عَقَدَ