(مَادَّةُ ٩٨٠) - (تَصَرُّفَاتُ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَتَصَرُّفَاتِ الْعَاقِلِ) .
قَوْلُهُ: فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ أَيْ حَالِ كَوْنِهِ تَامَّ الْعَقْلِ. وَتَكُونُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ نَافِذَةً وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وِلَايَةٍ عَلَيْهِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْجُنُونُ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ عَادَ الْمَمْنُوعُ. وَعَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ وَرَهْنُهُ وَفَرَاغُهُ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ صَحِيحَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ (التَّنْقِيحُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ النَّافِعَ مِنْهَا وَالضَّارَّ وَمَا يَدُورُ بَيْنَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ، مَعَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الِاثْنَيْنِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِمَا صَحِيحَةٌ، وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٤٠) .
[ (مَادَّةُ ٩٨١) إعْطَاءِ الصَّبِيِّ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ]
(مَادَّةُ ٩٨١) - (لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْجِلَ فِي إعْطَاءِ الصَّبِيِّ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ بَلْ يُجَرَّبُ بِالتَّأَنِّي فَإِذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ رَشِيدًا تُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ حِينَئِذٍ) .
إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ مَجْهُولَ الْحَالِ، فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ رُشْدُهُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْجَلَ فِي إعْطَائِهِ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ بَلْ يُجَرَّبُ رُشْدُهُ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِ (يُجَرَّبُ.) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِيَارِ بَلْ يَلْزَمُ عَدَمُ إعْطَائِهِ مَالَهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ. لَكِنَّ تَرْكَ التَّجْرِبَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَاءً عَلَى مَا أَفَادَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ وَيُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ بَيَانِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْعَلَّامَةِ الشِّبْلِيِّ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَحَقَّقَ كَوْنُ ذَلِكَ الصَّبِيِّ رَشِيدًا تُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْوَالٌ حِينَئِذٍ وَيَكْفِي لِإِعْطَائِهِ مَالَهُ عِلْمُ الْوَصِيِّ بِرُشْدِهِ وَصَلَاحِهِ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ شُوهِدَتْ حَالٌ كَهَذِهِ فِي الصَّبِيِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَلِلْوَصِيِّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩١٨) أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرَ أَمْوَالَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١) .
وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ عَنْ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ أَمْوَالَهُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا لِتَحْقِيقِ رُشْدِهِ هُوَ بَالِغٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ ضَمِنَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٩٤) . لَكِنْ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الطَّلَبِ لَا يَضْمَنُ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْوَصِيُّ الْأَمْوَالَ لِلشَّخْصِ الَّذِي تَحْتَ وِصَايَتِهِ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ رُشْدِهِ وَأَضَاعَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَيَضْمَنُهَا الْوَصِيُّ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الصَّبِيُّ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَتَأَنَّى الْوَصِيُّ فِي تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ فَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَلَا يَضْمَنُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١) ، كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ لِبُلُوغِهِ وَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ مَالَهُ فَأَضَاعَ الصَّبِيُّ الْمَالَ كَانَ الْوَصِيُّ ضَامِنًا. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَحْتَاجُ إلَى الْإِيضَاحِ فَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِهَا فِيمَا يَأْتِي: فِي الصَّبِيِّ الْبَالِغِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
١ - يَبْلُغُ الصَّغِيرُ وَهُوَ رَشِيدٌ وَيَكُونُ رُشْدُهُ مَعْلُومًا. أَيْ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ غَيْرَ سَفِيهٍ فِي حَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute