صِغَرِهِ وَبَلَغَ وَهُوَ مُصْلِحٌ وَمُحَافِظٌ عَلَى مَالِهِ فَيَجُوزُ تَسْلِيمُ أَمْوَالِهِ إلَيْهِ. وَعِلْمُ الْوَصِيِّ بِرُشْدِ الصَّغِيرِ كَافٍ لِإِعْطَائِهِ مَالَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّغِيرِ يَنْتَهِي بِبُلُوغِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٦٧) .
وَلَا كَلَامَ فِي جَوَازِ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ مَالَهُ وَإِعْطَائِهِ إيَّاهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ رُشْدُ الصَّبِيِّ مَعْلُومًا (التَّنْقِيحُ) .
٢ - أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ غَيْرَ رَشِيدٍ، يَعْنِي أَنْ يَبْلُغَ وَهُوَ سَفِيهٌ مُسْرِفٌ فِي مَالِهِ وَمُتْلِفٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ الْمَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، كَمَا قَدْ صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (٩٨٢) .
٣ - بُلُوغُ الصَّغِيرِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ رُشْدُهُ أَوْ سَفَهُهُ: يَجُوزُ إعْطَاءُ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ تَصَرُّفَاتُ كُلِّ بَالِغٍ لَا يُعْلَمُ رُشْدُهُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ) دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهُ وَلَا سَفَهُهُ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ شِهَابُ الدِّينِ الْمِصْرِيُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ لِهَذَا الصَّبِيِّ مَالَهُ وَثَبَتَ كَمْ أَنَّهُ مُفْسِدٌ وَغَيْرُ رَشِيدٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١) ، وَلَكِنْ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ مَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ وَيُجَرِّبَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ مُدَّةً عَنْ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ أَمْوَالَهُ لِانْكِشَافِ حَالٍ الصَّغِيرِ وَاخْتِبَارِ رُشْدِهِ وَصَلَاحِهِ وَتَلِفَتْ الْأَمْوَالُ أَثْنَاءَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ ضَمَانٌ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ مَتْنِ الْمَجَلَّةِ (بَلْ يُجَرَّبُ بِالتَّأَنِّي) مَانِعَةٌ مِنْ صَرْفِهِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ رُشْدَهُ فَلَا لُزُومَ لِلتَّجْرِبَةِ. وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَصِيُّ رُشْدَ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ وَامْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ مَالَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُثْبِتَ الصَّبِيُّ الْبَالِغُ رُشْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَى الْوَصِيِّ بِتَسْلِيمِهِ الْأَمْوَالَ (التَّنْقِيحُ) .
وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ مِنْ طَرَفِ الْوَلِيِّ إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ وَإِذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ دُونَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ حَمَلَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ كَلَامَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ هَذَا عَلَى الْحَالِ الثَّانِي أَيْ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَهُوَ سَفِيهٌ؛ وَعَلَيْهِ فَلَا يَبْقَى اخْتِلَافٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. أَمَّا لَوْ طَلَبَ الصَّغِيرُ أَمْوَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ بَعْدَ تَحَقُّقِ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ فُقِدَتْ كَانَ ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ طَلَبَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ غَيْرُ الْبَالِغِ مَالَهُ وَكَانَ رُشْدُهُ ثَابِتًا وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَصِيُّ إيَّاهُ فَبِمَا أَنَّ الصَّغِيرَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ تَحْتِ الْوِلَايَةِ، أَيْ أَنَّ حَقَّ الْوِلَايَةِ لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا لِلْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ، فَلِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ مَالَهُ وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute