وَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّالِثَ هُوَ شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ تَلَوُّمِ الْقَاضِي وَلَيْسَ شَرْطًا لِلْحُكْمِ، فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ وَلَدٌ لِلْمُتَوَفَّى فُلَانٍ أَوْ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ خِلَافُهُ فَالْقَاضِي يَنْتَظِرُ مُدَّةً لِظُهُورِ وَارِثٍ آخَرَ وَبَعْدَ الِانْتِظَارِ يُسَلِّمُ الْمَالَ لِلْمُدَّعِي. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ قَالَا بِأَنَّهَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ.
مِثَالٌ لِلشَّهَادَةِ الْجَامِعَةِ لِلشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ: أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ أَبَ الْمُتَوَفَّى زَيْدٌ، وَأُمَّهُ زَيْنَبُ. وَأَبُو هَذَا الْوَارِثِ زَيْدٌ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ لِذَلِكَ فَهُوَ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ لِلْمُتَوَفَّى وَوَارِثِهِ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ أَوْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ وَمِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ لَا أَعْلَمُ بِأَنَّ لِلْمُورِثِ وَرَثَةً غَيْرَ هَؤُلَاءِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يُدْرِكَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّ فُلَانًا ابْنَ فُلَانٍ قَدْ تَوَفَّى وَقَدْ تَرَكَ الْمَيِّتُ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٨٨) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَيِّتَ تُقْبَلُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٦٩٤) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ]
الْمَادَّةُ (١٦٩٤) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ فَإِذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ أَيْ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فَالْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ) .
لَا حَاجَةَ لِلْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْجَرِّ فَشَرْطُ الْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ يَسْتَوْجِبُ ضَيَاعَ حُقُوقِ النَّاسِ، وَالْجَرُّ يَكُونُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ: إنَّ الْمَدِينَ تُوُفِّيَ وَهُوَ مَدِينٌ أَوْ تُوُفِّيَ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ دَيْنًا بِمِقْدَارِ مَا ادَّعَى يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَدِينًا وَيُقَالُ لِهَذَا التَّصْرِيحِ: الْجَرُّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ الدَّيْنَ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِ الدَّيْنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَاضِ وَالْإِجَارِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ أَيْ بِرُؤْيَتِهِ شِرَاءَ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْمُدَّعِي مَالًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِكَذَا دِرْهَمًا إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ وَمُفَارِقَةِ الشَّاهِدِ لِلْمَدِينِ يُمْكِنُ الْمَدِينُ أَنْ يُخَلِّصَ الدَّيْنَ فِي غِيَابِ الشَّاهِدِ بِتَأْدِيَتِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْمَدِينِ لَهُ أَوْ بِإِقَالَةِ الْبَيْعِ يَعْنِي بِعُرُوضِ أَسْبَابٍ مُسْقِطَةٍ لِلدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْجَرِّ وَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الْجَرِّ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِتَضْيِيعِ حُقُوقِ النَّاسِ وَمُوجِبًا لِإِضْرَارِهِمْ كَمَا أَنَّهُ يُوجِبُ ضَرَرُ الْمُتَوَفَّى بِبَقَائِهِ مَدِينًا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ.
فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْحَالِ كَمَا أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ دَعْوَى بِالدَّيْنِ حَالًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute