يَعْلَمُ أَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ تَضْمِينِهَا لِلذَّابِحِ وَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا.
(مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ)
لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٩٦٠) إلَّا أَنَّ لِوَلِيِّهِ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ صَبِيًّا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ.
[ (الْمَادَّةُ ٩٠) إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ]
(الْمَادَّةُ ٩٠) :
إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ أَيْ عَامِلُ الشَّيْءِ وَفَاعِلُهُ بِالذَّاتِ مَعَ الْمُتَسَبِّبِ وَهُوَ الْفَاعِلُ لِلسَّبَبِ الْمُفْضِي لِوُقُوعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مَا يُؤَدِّي إلَى النَّتِيجَةِ السَّيِّئَةِ إذَا هُوَ لَمْ يُتْبَعْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ آخَرَ، يُضَافُ الْحُكْمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ الْمُبَاشِرِ دُونَ الْمُتَسَبِّبِ وَبِعِبَارَةٍ أَخْصَرُ يُقَدَّمُ الْمُبَاشِرُ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْمُتَسَبِّبِ.
تَعْرِيفُ الْمُبَاشِرِ - هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ التَّلَفُ مِنْ فِعْلِهِ دُونَ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ فِعْلُ فَاعِلٍ آخَرَ.
مِثَالٌ: لَوْ حَفَرَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَلْقَى أَحَدٌ حَيَوَانَ شَخْصٍ فِي ذَلِكَ الْبِئْرِ ضَمِنَ الَّذِي أَلْقَى الْحَيَوَانَ وَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ؛ لِأَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ بِحَدِّ ذَاتِهِ لَا يَسْتَوْجِبُ تَلَفَ الْحَيَوَانِ وَلَوْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ فِعْلُ الْمُبَاشِرِ وَهُوَ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ فِي الْبِئْرِ لَمَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِحَفْرِ الْبِئْرِ فَقَطْ.
وَرُبَّ قَائِلٍ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِعْلُ الْحَفْرِ لَمَا تَأَتَّى فِعْلُ الْإِلْقَاءِ.
فَبِمَا أَنَّ فِعْلَ الْإِلْقَاءِ هُوَ الْوَصْفُ الْأَخِيرُ فَقَدْ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ (كُلُّ حُكْمٍ يَثْبُتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْوَصْفِ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُمَا أَخِيرًا) .
أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ سَقَطَ بِنَفْسِهِ فِي الْبِئْرِ فَإِذَا كَانَ حَافِرُ الْبِئْرِ قَدْ حَفَرَهُ بِدُونِ أَمْرٍ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَالضَّمَانُ كَمَا سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ.
كَذَلِكَ لَوْ دَلَّ شَخْصٌ لِصًّا عَلَى مَالٍ لِآخَرَ لِيَسْرِقَهُ فَسَرَقَهُ اللِّصُّ فَلَيْسَ عَلَى الدَّالِّ ضَمَانٌ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى اللِّصِّ.
كَذَلِكَ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بَابَ دَارِ آخَرَ وَفَكَّ فَرَسَهُ مِنْ قُيُودِهِ فَجَاءَ لِصٌّ وَسَرَقَ الْفَرَسَ فَالضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ شَخْصٌ بِآخَرَ وَجَاءَ ثَالِثٌ فَاغْتَصَبَ مَا مَعَ الرَّجُلِ مِنْ النُّقُودِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُغْتَصِبِ الْمُبَاشِرِ لِاسْتِلَابِ الْمَالِ دُونَ الْآخَرِ الْمُتَسَبِّبِ بِذَلِكَ.
أَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مَا يَقْضِي مُبَاشَرَةً إلَى التَّلَفِ فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ.
مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ