للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ بِمَهْرِهَا بِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فَهِيَ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَتُرَدُّ دَعْوَاهَا.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ بِذَلِكَ الْمَرَضِ فَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا حِصَصَهُمْ الْإِرْثِيَّةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا لِزَوْجِهَا مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَيْسَ لَهَا الِادِّعَاءُ بِالْمَهْرِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ وَلِوَرَثَتِهَا الِادِّعَاءُ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهَا (الْقُنْيَةِ) .

وَالْوَرَثَةُ الْمَقْصُودُونَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْوَارِثُونَ وَقْتَ الْمَوْتِ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَمْرِ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ هُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ وَلَيْسَ وَقْتَ الْهِبَةِ.

بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ ابْنٌ مَالًا لِأَخِيهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَدُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَأَصْبَحَ الْأَخُ وَارِثًا لِلْوَاهِبِ وَكَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ نَافِذَةً.

وَبِالْعَكْسِ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ أَخَاهُ الْوَارِثَ لَهُ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَا لَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لِوَلَدِهِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَسْلَمَ الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ بَعْدَئِذٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْوَصَايَا) .

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عِدَّةَ أَشْيَاءَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْهَا وَتُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ لَا يَقْبَلُوا الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَنْ يُدْخِلُوا الْأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ فِي التَّرِكَةِ (النَّتِيجَةُ) .

أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَالْحُكْمُ بِعَكْسِ ذَلِكَ فَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِقْرَارِ فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ وَاقِعًا لِلْوَارِثِ أَوْ لِغَيْرِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْحَالِ الَّذِي فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩ ٥٩ ١) (وَمَجْمَعَ الْأَنْهُرِ فِي الْوَصِيَّةِ) .

وَإِذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً يَعْنِي تَكُونُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ.

وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» فَلِذَلِكَ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْوَصِيَّةُ صُورَةً. لَوْ بَاعَهَا الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْضَ أَمْوَالٍ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣٩٣) حَتَّى لَوْ بَاعَ بِالْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِهَذَا الْبَيْعِ قَدْ حَصَلَ إيثَارُ الْوَارِثِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: الْوَصِيَّةُ مَعْنًى كَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَمْوَالِهِ الْمُعَيَّنَةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مَعْنًى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ قَدْ خُصِّصَ لَلْمُقَرِّ لَهُ بِلَا عِوَضٍ سَالِمٍ وَشُبْهَةُ الْحَرَامِ حَرَامٌ أَيْضًا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْوَصِيَّةُ حَقِيقَةً، كَإِيصَاءِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِبَعْضِ أَمْوَالِهِ الْمُعَيَّنَةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ. وَمَا بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْوَصِيَّةُ شُبْهَةً كَبَيْعِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لَهُ جَيِّدًا لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فِي مُقَابِلِ مَالٍ رَدِيءٍ لِذَلِكَ الْبَعْضِ. (كَشْفُ الْأَسْرَارِ شَرْحُ الْمَنَارِ فِي فَصْلِ الْأُمُورِ الْمُعْتَرِضَةِ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>