وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ بَعْدَ الِادِّعَاءِ وَالْإِثْبَاتِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْحِنْطَةَ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ خَاطَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ قَمِيصًا لَهُ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ الْقَمِيصِ وَضَبَطَهُ مِنْ يَدِهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) أَمَّا لَوْ ضُبِطَتْ الْحِنْطَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ أَنْ تُطْحَنَ وَالْقُمَاشُ قَبْلَ أَنْ يُخَاطَ قَمِيصًا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩١) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْشَارًا وَانْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ النَّشْرِ مِنْ وَسَطِهِ وَوَصَلَهُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ الْمِنْشَارِ مُنْكَسِرًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ الطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّ الْمِنْشَارَ إذَا انْقَطَعَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْشَارًا وَالْمِنْشَارُ وَإِنْ كَانَ وَهُوَ مُنْكَسِرٌ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ غَيَّرَهُ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَمِلْكُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ. مِثَالٌ ثَانٍ - لَوْ وَضَعَ الْبَيْضَ الَّذِي غَصَبَهُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَفَرَّخَتْ كَانَتْ الْفِرَاخُ مَالَهُ وَضَمِنَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيْضَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ صَنَعَ الصُّفْرَ الْمَغْصُوبَ أَوَانِيَ أَوْ الْجِلْدَ فَرْوًا أَوْ جِرَابًا فَبِمَا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا لِتَبَدُّلِهَا اسْمًا وَمَعْنًى بِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَتَبْقَى لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ الصُّفْرَ أَوْ الْجِلْدَ إذَا كَانَ جِلْدَ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ (الْهِنْدِيَّةُ، الْعَيْنِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) .
وَقَدْ بُيِّنَتْ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى أَيْضًا فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ حِنْطَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا فِي مَزْرَعَتِهِ ضَمِنَ حِنْطَتَهُ وَكَانَ الْمَحْصُولُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَخْلٌ فِي الْمَحْصُولِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) . وَلَمَّا كَانَ لَا يُوجَدُ تَغْيِيرٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ فَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ فَرَوْعَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ إنَّ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ بِالزَّرْعِ فَلُزُومُ الضَّمَانِ فِيهَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (١ ٨٩) حَتَّى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَزْرَعْ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ فِي أَرْضِهِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ مِنْ الْغَيْرِ أَوْ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ تَبَدَّلَ اسْمُ الْحِنْطَةِ إذَا زُرِعَتْ فَنَبَتَتْ وَاخْضَرَّتْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ ضَمَانِ الْحِنْطَةِ الْمَزْرُوعَةِ أَنْ تَنْبُتَ وَتَخْضَرَّ وَيَتَغَيَّرَ اسْمُهَا بَلْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِيهَا إذَا زُرِعَتْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَنْبُتْ مُطْلَقًا وَقَدْ وَصَفَتْ الْهِدَايَةُ صُورَةَ الزَّرْعِ بِالِاسْتِهْلَاكِ إذْ قَالَتْ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ لَيْسَتْ مِثَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ هِيَ نَظِيرٌ وَشَبِيهٌ لَهَا فِي لُزُومِ الضَّمَانِ نَظِيرَ آخَرَ: لَوْ أَدْخَلَ الْغَاصِبُ الْحَجَرَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ الْآجُرَّ أَوْ الْكِلْسَ الْمَغْصُوبَ فِي بِنَائِهِ يَعْنِي لَوْ أَدْخَلَهُ فِي إنْشَاءِ بِنَائِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا.
وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ الْأَبْنِيَةِ وَاسْتِرْدَادُهُ عَيْنًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي. لِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِي الْبِنَاءِ يَسْتَلْزِمُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْغَاصِبِ هُوَ تَخْرِيبُ بِنَائِهِ وَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ هُوَ تَضْيِيعُ حَقِّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute