للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَنَعَ بِهَا ذَلِكَ قِيمَتَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَيَسَعُهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ أَنْ يُطْعِمَ مَنْ أَحَبَّ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ أَوْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْقِيمَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ مَشْوِيٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

أَمَّا الْقِيَاسُ فَحَلَّ الِانْتِفَاعُ بِدُونِ الرِّضَا كَذَلِكَ قَدْ وَرَدَ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى رِوَايَةٍ. لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُجَوَّزَ بِتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ ثَابِتٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ وَهْبَةِ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ الضَّمَانِ نُفِّذَ مَعَ الْحُرْمَةِ (الْهِدَايَةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ يَكُونُ بَلْعُهُ إيَّاهُ حَلَالًا (الْهِدَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: هُوَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْقَائِلُ فِي الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَذْبُوحَةِ الْمَشْوِيَّةِ «أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» . وَهَذَا الْأَمْرُ الْعَالِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ عِنْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ. فَأَمْرُهُ بِالتَّصَدُّقِ مَعَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعْلُومًا يُبَيِّنُ أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ مَلَكَهَا إذْ مَالُ الْغَيْرِ يُحْفَظُ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَ وَثَمَنُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهَا وَعَلَى حُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ حِلُّ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ مُوجِبًا لِفَتْحِ بَابِ الْغَصْبِ فَقَدْ كَانَ الِانْتِفَاعُ حَرَامًا قَبْلَ الْإِرْضَاءِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ (الْهِدَايَةُ) . وَعِنْدَ بَعْضِ عُلَمَاءِ آخَرِينَ لَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ. بَلْ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ يَعْنِي يَكُونُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِالضَّمَانِ أَوْ بِتَرَاضِي الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الضَّمَانِ. وَعَلَيْهِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ فَيَكُونُ بَلَعَ حَرَامًا وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ أَنَّ الرَّأْيَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ هُوَ هَذَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . كُلُّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَقِّيَّةَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ دَرَجَةَ الرَّهْنِ فَلَوْ ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ يَضِيعُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

مِثَالٌ أَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا الْغَاصِبُ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا وَكَانَ الدَّقِيقُ لَهُ كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَأَحْرَقَهُ فَصَارَ رَمَادًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَكَذَا هَذَا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ الدَّقِيقِ لِلْغَاصِبِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - إذَا امْتَنَعَ الْمَالِكُ عَنْ أَخْذِ الْبَدَلِ وَأَرَادَ أَخْذَ الدَّقِيقِ عَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ (الْعَيْنِيُّ) . ثَانِيًا - لَوْ عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الدَّقِيقِ الْمَذْكُورِ خُبْزًا وَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَخْلُصُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٧٩) . ثَالِثًا - لَوْ ظَهَرَ لِذَلِكَ الدَّقِيقِ مُسْتَحِقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>