للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَافِعِهِ فَلَا لُزُومَ لِإِضَافَةِ (إذَا زَالَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ) مَثَلًا الْحِنْطَةُ فَكَمَا أَنَّهَا تَكُونُ بَذْرًا تُعْمَلُ هَرِيسَةً وَكِشْكًا وَنِشَاءً أَمَّا إذَا عُمِلَتْ دَقِيقًا فَكَمَا يَتَبَدَّلُ اسْمُهَا فَتَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا حِنْطَةً فَلَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَذْرًا أَوْ أَنْ يُعْمَلَ مِنْهَا هَرِيسَةٌ وَنِشَاءٌ وَهُنَا قَدْ بُيِّنَ أَنَّهُ يَزُولُ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ بِتَبْدِيلِ الِاسْمِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ أَيْضًا. ٣ - إذَا غَيَّرَ: أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِدُونِ فِعْلِ الْغَاصِبِ كَصَيْرُورَةِ الْعِنَبِ زَبِيبًا وَالْخَمْرِ خَلًّا وَالرُّطَبِ تَمْرًا، فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (٨٩٧) . وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لِلْغَاصِبِ يَعْنِي يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِيهِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً صَارَ حَقُّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِتَغَيُّرِ اسْمِهِ وَبِفَوْتِ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ يَبْقَى حَقُّ الْغَاصِبِ بِالصِّفَةِ بَاقِيًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُرَجَّحُ الْحَقُّ الْبَاقِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْحَقِّ الْهَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (الْهِدَايَةُ) . وَصَيْرُورَةُ الصِّفَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ مُتَقَوِّمَةً نَاشِئَةٌ عَمَّا يَأْتِي: طَبْخُ الشَّاةِ مَثَلًا أَوْ جَعْلُهَا شِوَاءً وَطَحْنُ الْحِنْطَةِ مَا يَزِيدُ قِيمَتَهَا. وَالسَّبَبُ فِي صَيْرُورَةِ حَقِّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هُوَ: أَنَّ الْعِلْمَ بِقِيَامِ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَقَطْ وَالصُّورَةُ قَدْ زَالَتْ (الْعَيْنِيُّ) . وَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَنْقَطِعُ حَقُّ صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَ تَغْيِيرِ الْغَاصِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَهَلْ صَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطَةٌ بِالضَّمَانِ وَإِلَّا فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ قَبْلَ الضَّمَانِ؟ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي، الْبَابِ الثَّامِنِ) .

فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ تَغْيِيرِهِ الْمَغْصُوبَ لِأَنَّهُ مَعَ انْقِطَاعِ حَقِّ مِلْكِيَّةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْغَاصِبُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا بِلَا مَالِكٍ. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ أَيْ أَنَّ فِيهِ حُكْمَيْنِ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: انْقِطَاعُ مِلْكِيَّةِ الْغَاصِبِ مِنْهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَصَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لَهُ. وَهَذَا الْحُكْمُ يَحْصُلُ بِتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الضَّمَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ الْهِدَايَةِ) .

وَالْحُكْمُ الثَّانِي: تَحْلِيلُ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ بِالْمَغْصُوبِ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا الْحُكْمُ مَوْقُوفٌ اسْتِحْسَانًا عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَيَكُونُ رِضَى الْمَالِكِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: أَوَّلًا، أَدَاءُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الضَّمَانِ. ثَانِيًا، حُكْمُ الْحَاكِمِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ وَقَضَاؤُهُ بِهِ. لِوُجُودِ الرِّضَى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ إلَّا بِطَلَبِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . ثَالِثًا، تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ. رَابِعًا، إبْرَاءُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْغَاصِبَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْطُ الطِّيبِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْبَدَلِ وَعِنْدَهُمَا أَدَاءُ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى قَوْلِهِمَا الْفَتْوَى الْقُهُسْتَانِيُّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَاةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَذَبَحَهَا أَوْ طَبَخَهَا أَوْ شَوَاهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَرْضَى أَنْ يُضَمِّنَهُ لَمْ يُسَغْ لِلَّذِي ذَبَحَهَا أَوْ شَوَاهَا أَنْ يَأْكُلَهَا وَيُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ حَتَّى يَضْمَنَ لِلَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>