حُكْمِ التَّالِفَةِ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي حُكْمِ الْبَاقِيَةِ وَالْمَوْجُودَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ إنَّ ذَبْحَ الشَّاةِ هُوَ نُقْصَانٌ فِيهَا بِاعْتِبَارِ فَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ وَفَوَاتِ بَعْضِ الْأَغْرَاضِ الْكِفَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ أَوْ كَانَ مُعَدًّا لِيَكُونَ قِنْيَةً. وَلِلْحِفْظِ وَلُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ هُوَ: لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَعْضُ الْمَقَاصِدِ كَتَرْبِيَتِهِ إيَّاهُ مُدَّةً وَتَسْمِينِهِ أَوْ كَانْتِظَارِهِ وَقْتًا مُنَاسِبًا لِذَبْحِهِ فَقَدْ عُدَّتْ إزَالَةُ حَيَاةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ عَيْبًا (الْهِدَايَةُ) وَقَطْعُ رِجْلَيْ الْحَيَوَانِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ الْأَمَامِيَّتَيْنِ أَوْ الْخَلْفِيَّتَيْنِ فِي حُكْمِ ذَبْحِهِ.
فَعَلَيْهِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ قَطْعِ رِجْلَيْهِ كَتَخْيِيرِهِ فِي حَالِ ذَبْحِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا لَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ قَطَعَ رِجْلَهُ أَوْ رِجْلَيْهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ مَنْفَعَةٌ مَا بَعْدَ أَنْ قُطِّعَ أَوْ ذُبِحَ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الْمَالِ. فَلَوْ قَتَلَ الْحِمَارَ قَتْلًا مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ فَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ قَبْلَ الدِّبَاغَةِ فَذَبْحُ الْحِمَارِ مَثَلًا لَمَّا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدِّبَاغَةِ وَيَكُونُ لِجِلْدِ الْحِمَارِ قِيمَةٌ فَلِصَاحِبِ الْحِمَارِ أَخْذُهُ مَذْبُوحًا أَوْ مَقْطُوعًا وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ الذَّابِحِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ إذْ بَقِيَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ وَقِيمَةٌ بَعْدَ الْقَطْعِ وَالذَّبْحِ (الْكِفَايَةُ) . وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ عَلَى فَرَسِ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ فَكُسِرَتْ رِجْلُ الْفَرَسِ وَهُوَ يَمْشِي فَتَعَطَّلَتْ فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَتَضْمِينُهُ قِيمَتَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَهْجَةُ) . وَالتَّفْصِيلَاتُ الَّتِي فِي هَذَا الشَّأْنِ سَتُبَيَّنُ تَحْتَ عِنْوَانِ الْخَاتِمَةِ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْكِتَابِ. كَسْرُ الْغَاصِبِ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ: لَوْ كَسَرَ الْغَاصِبُ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ بِصُورَةٍ فَاحِشَةٍ فَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ اسْمُهُ وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الطَّحْطَاوِيُّ) .
ضَرَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ الْمَغْصُوبَيْنِ نُقُودًا أَوْ صَنَعَهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا: لَوْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ نُقُودًا أَوْ عَمِلَ مِنْهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَيَأْخُذُهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ بَاقِيَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ إنَّ جِسْمَهَا بَاقٍ وَوَزْنُهَا وَثَمَنُهَا اللَّذَانِ هُمَا مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ بَاقِيَانِ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَتَسْقُطُ صَلَاحِيَّةُ اسْتِرْدَادِهِ إيَّاهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا إذَا اتَّخَذَ مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمَغْصُوبَةِ صَفَائِحَ مُطَوَّلَةً أَوْ مُدَوَّرَةً أَوْ مُرَبَّعَةً فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ) .
وَهَلْ يَلْزَمُ ضَمُّ عِبَارَةِ (فَوَاتُ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ) إلَى فِقْرَةِ (تَبَدَّلَ اسْمُهُ) ؟ قَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ وَتَزُولُ أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ إلَخْ) وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ إلَخْ) فَقَطْ. وَإِنْ يَكُنْ الْقُهُسْتَانِيُّ قَالَ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ زَوَالَ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ يُوجِبُ زَوَالَ أَعْظَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute