للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلُهَا لِلدَّائِنِ، أَنْ يَهَبَ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ.

ثَانِيهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِمَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى.

ثَالِثُهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ مَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى أَوْ لِكُلِّهِمْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

٢ - الْهِبَةُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِ الْهِبَةِ صَحِيحَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَيْسَ شَرْطًا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَلَّا يَكُونَ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ كَانَ صَحِيحًا فَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ بَعْدَمَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ (وامي كه مرا بوده است بتوبخشيدم) كَانَ صَحِيحًا. وَيَسْتَرِدُّ الْمَدْيُونُ مَا أَعْطَاهُ لِدَائِنِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٥٨) كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدٌ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ تَبَرُّعًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ كَانَ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا أَيْضًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُتَبَرِّعُ مَا أَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) .

٣ - الْإِبْرَاءُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِهِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي يَبْرَأُ مِنْهُ مَعْلُومًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَك عَلَيَّ وَأَحَلَّهُ الْآخَرُ) فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِمَا لَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بَرِئَ حُكْمًا وَدِيَانَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمًا وَدِيَانَةً أَيْضًا وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَيْسَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِسْقَاطِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَبْرَأُ حُكْمًا وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

لَكِنْ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ. وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا وَالدَّيْنُ سَاقِطًا.

وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ: لَا أَهَبُك هَذَا الْمَالَ حَتَّى تُبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِكِ فَأَبْرَأَتْهُ الزَّوْجَةُ فَامْتَنَعَ عَنْ أَنْ يَهَبَهَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَقِيَ مَهْرُ الزَّوْجَةِ كَمَا كَانَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٨٥٥) " الْبَزَّازِيَّةُ ".

كَذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٣٤) عَدَمُ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الرِّشْوَةِ.

بَعْضُ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ وَإِبْرَائِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: (١) الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ.

(٢) الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ السَّلَمِ.

وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ صَرْفٍ أَوْ بَدَلَ سَلَمٍ فَبِمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مُوجِبٌ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَحْدَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ اللَّازِمِ فَيَلْزَمُ الْقَبُولُ فِي هِبَتِهِ وَإِبْرَائِهِ. وَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِدُونِ الْقَبُولِ.

وَتُوُفِّيَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ مُنْكِرًا لُزُومَ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٧٦) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْوَارِثِ أَمْ كَانَتْ فِي يَدِ مُدَّعِي الْهِبَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْمِنَحُ) .

قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ، هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَك وَالِدِي هَذَا الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ عُلِمَ السَّاعَةَ وَالْمِيرَاثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَبْضَ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>