عُمُومُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَثْبُتُ عَقْلًا لُزُومُ إذْنِ السُّلْطَانِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ كَانَتْ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ فِي يَدِ الْأَجَانِبِ وَقَدْ دَخَلَتْ إلَى حَوْزَةِ الْإِسْلَامِ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَرَاضِي فِي الْبِلَادِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهَا فَيْءٌ وَغَنِيمَةٌ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِالْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَالْغَنَائِمِ فَلِذَلِكَ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ جَهْلًا مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيُمَلِّكَهَا لَهُ وَلَا يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ تَهَاوُنًا مِنْهُ فَيَجُوزُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ زَجْرًا لَهُ (الْجَوْهَرَةُ) (وَقَدْ وَرَدَ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي أَنَّهُ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَتُفَوَّضُ الْأَرْضُ لَهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَهَا وَإِذَا لَمْ يَطْلُبْهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ فَتُعْطَى لِآخَرَ بِطَرِيقِ الْمَزَادِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ السُّلْطَانِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ وَيَمْلِكُ الْأَرْضَ مُحْيِيهَا، وَيَسْتَدِلَّانِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَرْوِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ إلَيْهِ يَدُهُ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) .
وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
أَمَّا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ فَهُوَ فِي حَالَةِ أَنَّ الْمُحْيِيَ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحْيِي مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْيِي الْأَرْضَ الْمُحْيَاةَ بِالِاتِّفَاقِ (أَبُو السُّعُودِ) .
٣ - إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: الْإِقْطَاعُ وَذَلِكَ لَوْ أُقْطِعَتْ أَرْضُ مَوَاتٍ لِأَحَدٍ لِإِحْيَائِهَا أَيْ إذَا أُعْطِيت لَهُ فَلَا يَمْلِكُهَا بِمُطْلَقِ الْإِقْطَاعِ فَإِذَا أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ فِي ظَرْفِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَبِهَا وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مُدَّةِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ، وَإِذَا لَمْ يُحْيِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَرَّتْ الثَّلَاثُ السَّنَوَاتُ فَلَا يَكُونُ لِلْمُقْطَعَةِ لَهُ أَيُّ حَقٍّ فِيهَا وَتَبْقَى الْأَرْضُ مَوَاتًا كَالْأَوَّلِ وَيُمْكِنُ إعْطَاؤُهَا لِآخَرَ لِلْإِحْيَاءِ.
وَالْحُكْمُ الْمَوْجُودُ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي الْمُتَضَمِّنِ " إذَا لَمْ يَفْتَحْ أَحَدٌ الْأَرْضَ الَّتِي أَخَذَ إذْنًا مِنْ مَأْمُورِهَا بِفَتْحِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ بِلَا عُذْرٍ صَحِيحٍ فَتُعْطَى لِآخَرَ " هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - التَّحْجِيرُ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ (١٢٧٩) وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِحْيَاءِ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَيَتَصَرَّفُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ إذْنُ السُّلْطَانِ لِيَتَمَلَّكَ الْأَرْضَ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ السُّلْطَانُ بِتَمَلُّكِهِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي.
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَوَاتَ يُحْيَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي.
الثَّانِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute