مِلْكِهِ يَعْنِي بِسَبَبِ ضَمَانِهِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ: (١) - دَرَاهِمُ الْأَمَانَةِ. هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَالْحُكْمُ فِي عُمُومِ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي يَجُوزُ إقْرَاضُهَا عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. وَكَذَلِكَ فِي الْمَكِيلَاتِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ الْأَمَانَةُ وَفِي الْمَوْزُونَاتِ كَالدَّقِيقِ وَالتِّبْنِ، وَفِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ.
(٢) - وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَهَا صَاحِبُهَا كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا. وَكَانَ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ الْقَرْضِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ عَائِدًا إلَى الْمُودِعِ. وَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِأَمْرِ الْمُودِعِ ابْتِدَاءً رَاجِعْ مَادَّتَيْ (١٤٥٩ وَ ١٤٦٠) . غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُودِعُ هَذَا الْإِقْرَاضَ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَقْرِضُ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيُضَمِّنُهَا الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ.
(٣) - يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ لِأَجْلِ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّ لِلْمُودِعِ أَنْ يَضْمَنَ الِاحْتِرَازَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْقَابِضِ أَيْضًا وَيَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٦٣٥) . كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَلِلْمُودِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا عَيْنًا. وَلَكِنْ هَلْ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْقَابِضِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٦٣٥) كَذَلِكَ إذَا أَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ بِالدَّرَاهِمِ الْمَوْجُودَةِ أَمَانَةً عِنْدَهُ دَيْنَ صَاحِبِهَا أَيْ دَيْنَ الْمُودِعِ الَّذِي لِآخَرَ وَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا فَصَاحِبُهَا يَكُونُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَجَازَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يُضَمِّنُ وَدِيعَتَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَتُصْبِحُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي أُعْطِيت إلَى الدَّائِنِ مَالَهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُودِعِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الدَّائِنَ أَيْضًا وَيَسْتَرِدَّ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي) . رَاجَعَ الْمَادَّةُ (٧٨٧) .
وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: عِبَارَةُ (إذَا أَدَّى) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَدَّى الدَّرَاهِمَ لِلدَّائِنِ قَصْدًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبُ الدَّائِنِ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ فَلِلدَّائِنِ الْمَرْقُومِ عِنْدَ ظَفَرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ مِقْدَارًا كَافِيًا لِمَطْلُوبِهِ. وَإِنْ كَانَ إعْطَاءُ الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرَ جَائِزٍ. وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُشَارُ بِعِبَارَةِ (لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا) إلَى أَنَّ الْمُودِعَ الَّذِي هُوَ صَاحِبُهَا مَوْجُودٌ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا مُتَوَفَّى فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ إلَى دَائِنِ الْمُتَوَفَّى إنْ كَانَ الدَّائِنُ الْمَذْكُورُ مَعْرُوفًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَتَى بِفِعْلٍ كَانَ عَلَى وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى أَنْ يَفْعَلَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٩٢) .
لِأَنَّهُ قَضَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لِلِابْنِ مِيرَاثٌ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute