وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي عِدَّةُ نُظُمٍ لِهَذَا:
١ - لَوْ أَصْبَحَ أَحَدٌ بِلَا قُوَّةٍ مِنْ الْجُوعِ وَلَمْ يَأْكُلْ طَعَامَهُ فَأَجْبَرَهُ أَحَدٌ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبَرَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الطَّعَامِ وَإِمْلَاءَ الْبَطْنِ فَائِدَةٌ لِلْمُكْرَهِ، فَلَا يَكُنْ مُوجِبًا لِتَلَفِ الْمَالِ لَكِنْ لَوْ كَانَ بَطْنُهُ مُمْتَلِئًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُجْبَرِ، قَالَ أَبُو السُّعُودِ: أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ نَفْسِهِ، إنْ جَائِعَ لَا رُجُوعَ وَإِنْ شَبْعَانَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ.
٢ - لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَأُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى شِرَائِهِ، وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ وُقُوعِ تَقَابُضِ الْيَدَيْنِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ الَّتِي قَبَضَتْ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ الْوَاقِعِ بِالْإِكْرَاهِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَ وَلَا يَلْزَمُ الْجَبْرَ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ٣ - لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ إكْرَاهًا مُلْجِئًا فَإِنْ كَانَ مِنْ مُعْتَادِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَزَلْ بَاقِيًا وَمُصِرًّا عَلَى عَادَتِهِ فَلَا يَكُونُ شُرْبُ الْخَمْرِ لَهُ مُبَاحًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَابَ وَأَقْلَعَ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ)
حُكْمُ الْإِكْرَاهِ، لِلْإِكْرَاهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مُلْجِئًا يُنْقَلُ الْفِعْلُ إلَى الْحَامِلِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ فِيهَا آلَةً لِلْمُجْبَرِ الْحَامِلِ وَيُفْرَضُ الْمُجْبِرُ أَنَّهُ إنِّي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ وَالْمُكْرَهَ مَالُهُ فَقَطْ كَإِتْلَافِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مَجُوسِيًّا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ فَإِنَّهُ يُنْقَلُ الْفِعْلُ إلَى الْمُسْلِمِ الْآمِرِ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يُنْقَلُ فِي حَقِّ حِلِّ الذَّبْحِ فِي الدِّينِ وَبِالْعَكْسِ يَحِلُّ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، (وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهِمَ مَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ وَالْمَالِ جَائِزَانِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا لَهُ يُضَافُ الْقَتْلُ وَالْإِتْلَافُ إلَى الْمُجْبِرِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْفَاعِلُ آلَةً لِلْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُمَا يَصْلُحَانِ أَنْ يَكُونَا آلَةً لِلْمُجْبِرِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُجْبَرُ أَحَدًا أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ أَمَّا الْأُمُورُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ فِيهَا آلَةٌ فَيَبْقَى الْفِعْلُ فِيهَا مَقْصُورًا عَلَى الْمُكْرَهِ، كَأَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَالْأَقْوَالِ وَالْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِ غَيْرِهِ وَيَأْكُلَ بِفَمِهِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا تُضَافُ الْأَقْوَالُ لِغَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْأَكْلُ لِغَيْرِ الْآكِلِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَالْأَكْلِ إتْلَافٌ، وَحِينَئِذٍ فَيُضَافُ الْقَوْلُ وَالْأَكْلُ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافِ إلَى الْمُجْبَرِ، وَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُجْبَرِ بِبَدَلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَبُو السُّعُودِ، حَتَّى إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْعِتْقِ يَقَعُ كَأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بِاخْتِيَارِهِ، حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَيُضَافُ إلَى الْمُجْبَرِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ) . مَثَلًا لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَالطَّلَاقُ بِمَا أَنَّهُ مِنْ الْأَقْوَالِ، فَقَدْ وَقَعَ مَحْصُورًا بِالْمُتَكَلِّمِ، أَيْ مُضَافًا إلَى الْمُكْرَهِ، كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِلَا إكْرَاهٍ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَانَ يُوجَدُ فِيهِ إتْلَافٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، يَعْنِي وَكَانَ يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، فَيُرَاجِعُ الْمُكْرَهُ الْمُجْبِرَ بِذَلِكَ الْمَالِ، (الزَّيْلَعِيّ) وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ مِنْ الْأَقْوَالِ فَتُضَافُ إلَى التَّكَلُّمِ، أَيْ الْبَائِعِ، وَيَنْفُذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute