للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا - أَنَّ «الشَّاهِدَ بِالزُّورِ لَا يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى تَلْعَنَهُ مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» ، الزَّيْلَعِيّ.

فَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا زُورًا وَلَمْ يَدَّعِ الشُّهُودُ السَّهْوَ وَالْخَطَأَ فَيُجَازَى الشُّهُودُ بِالتَّعْزِيرِ وَالتَّشْهِيرِ إزَالَةً لِلْفَسَادِ وَتَتَحَقَّقُ شَهَادَةُ الزُّورِ (أَوَّلًا) بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (ثَانِيًا) بِإِقْرَارِهِ حُكْمًا كَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ فَتَظْهَرُ حَيَاتُهُ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى قَطْعِ شَجَرَةٍ وَرُؤْيَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَوْجُودَةً الْقُهُسْتَانِيُّ (ثَالِثًا) بِأَنْ يُثْبِتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا زُورًا.

صُورَةُ التَّشْهِيرِ: إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي السُّوقِ فَفِي وَقْتِ زِيَادَةِ ازْدِحَامِ السُّوقِ يُرْفَقُ الشَّاهِدُ بِمُنَادٍ يُنَادِي عَلَيْهِ إنَّنَا قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الشَّاهِدَ شَاهِدَ زُورٍ فَاتَّقُوا شَرَّهُ وَأَوْصُوا النَّاسَ بِأَنْ يَتَّقُوا شَرَّهُ، وَإِذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ أَرْبَابِ السُّوقِ فَيُرْسَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحَلَّتِهِ أَوْ قَوْمِهِ فِي وَقْتِ اجْتِمَاعِهِمْ وَيُنَادِي عَلَيْهِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) .

إنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ تَتَحَقَّقُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا، أَمَّا إذَا أَرَادَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ لَأَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، إذْ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِغَيْرِ حَقٍّ فَتَكُونُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ (الشِّبْلِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٧٢٤) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

فَلِذَلِكَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِتُهْمَةٍ أَوْ لِمُخَالَفَةِ شَهَادَتِهِ لِلدَّعْوَى أَوْ لِلتَّبَايُنِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّاهِدُ التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ الْكَاذِبُ هَلْ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ الشَّاهِدُ؟ (الزَّيْلَعِيّ) .

كَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلدَّابَّةِ الَّتِي مَلَكَهَا أَحَدٌ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَضَبَطَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّابَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا يُعَزَّرُ الْمُدَّعِي وَلَا الشُّهُودُ (الْخَيْرِيَّةُ) .

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الْحَادِثَاتِ الْأُخْرَى أَيْضًا مَا لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ، يَعْنِي إذَا ظَهَرَ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥] (الْحَمَوِيُّ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

لِلرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ رُكْنٌ وَشَرْطٌ وَحُكْمٌ وَمَحَاسِنُ:

الرُّكْنُ: قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْتُ عَنْ شَهَادَتِي أَوْ شَهِدْتُ زُورًا أَوْ كُنْتُ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَلَا يُعَدُّ إنْكَارُ الشَّاهِدِ لِشَهَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنَا لَمْ نَشْهَدْ هَكَذَا رُجُوعًا عَنْ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الشَّرْطُ: أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>