للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّأْنِيثِ بَلْ أَنَّهَا عَلَامَةٌ عَلَى انْتِقَالِهَا مِنْ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ.

وَاسْتِعْمَالُ الْمَصْدَرِ (وَدْعٍ) وَمَاضِيهِ فِي اللُّغَةِ وَاقِعٌ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْعَالِي (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجَمَاعَاتِ) وَفِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: ٣] بِتَخْفِيفِ وَدَّعَكَ (الزَّيْلَعِيّ) . وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الزنجاني قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى عِزِّي وَأَمَاتُوا مَاضِي يَدَعُ أَيْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا اسْتِعْمَالَ الْمَاضِي الَّذِي مُضَارِعُهُ يَدَعُ وَلَا يُقَالُ وَدَعَهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ: تَرَكَهُ وَلَا وَادِعٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ: تَارِكٌ (سَعْدُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْعَزِيُّ) . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا أَمَاتُوهُ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ نَطَقُوا بِهِ نَادِرًا فَيَكُونُ هَهُنَا مِنْ قَبِيلِ النَّادِرِ (الْبَاجُورِيُّ) . وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّائِعَ اسْتِعْمَالُ مَصْدَرِهِ وَمَاضِيهِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ يَعْنِي تَوْدِيعٌ وَوَدَّعَ أَوْ مِنْ بَابِ إفْعَالٍ أَيْ إيدَاعٌ وَأَوْدَعَ فَاسْتَعْمَلَتْهُ الْمَجَلَّةُ مِنْ بَابِ إفْعَالٍ. ثَالِثًا - النَّهْيُ وَالْمَنْعُ فِي الْعَارِيَّةِ لَهُ عَمَلٌ وَتَأْثِيرٌ وَالْحَالُ لَا عَمَلَ وَلَا تَأْثِيرَ لِلنَّهْيِ فِي التَّمَلُّكِ كَالْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا نَهَى الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعَارِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَأَمَّا إذَا نَهَى الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ النَّهْيِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا أَوْ مَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهَا أَوْ مَا دُونَهَا. رَابِعًا - إجَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ لَا تَجُوزُ فَلَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَمْلِيكًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ تَمْلِيكٌ وَإِجَارَةٌ مَمْلُوكَةٌ (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي مَلَكَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ لِلْآخَرِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٤٢٨) وَشَرْحَهَا.

وَذَهَبَ عُلَمَاءُ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْلِيكِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ.

وَأَدِلَّةُ هَؤُلَاءِ هِيَ هَذِهِ: أَوَّلًا - لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ كَمَا ذُكِرَ عِبَارَةً عَنْ الْإِبَاحَةِ لَمَا كَانَ لِلْمُبَاحِ أَنْ يُبِيحَهَا لِلْآخَرِ مَثَلًا مَتَى أُبِيحَ الطَّعَامُ لِأَحَدٍ فَمَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَتَنَاوَلَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِيحَهُ وَيُطْعِمَهُ غَيْرَهُ وَلَمَّا جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ الْآخَرِ وَالْحَالُ أَنَّ عِبَارَةَ لِلْآخَرِ جَائِزَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٨١٩) (الزَّيْلَعِيّ) .

ثَانِيًا - انْعِقَادُ الْإِعَارَةِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ يَشْهَدُ عَلَى تَمْلِيكٍ وَلَيْسَتْ إبَاحَةً (الْبَحْرُ) وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْقَائِلُ بِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَبِمَا أَنَّ عَامَّةَ الْحَنَفِيَّةِ ذَهَبُوا لِهَذَا الْقَوْلِ فَالْمَجَلَّةُ اخْتَارَتْهُ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُمْكِنُ إعْطَاءُ الْجَوَابِ عَلَى أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا إبَاحَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْجَوَابُ عَلَى الْأَوَّلِ - الِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي وَلَيْسَ لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣) . .

الْجَوَابُ عَلَى الثَّانِي - بِمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا وَأَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ فَجَهَالَةُ الْمُدَّةِ لَا تُوجِبُ النِّزَاعَ. وَكُلُّ جَهَالَةٍ لَا تَكُونُ جَالِبَةً لِلنِّزَاعِ لَا تَسْتَلْزِمُ فَسَادَ الْعَقْدِ. كَبَيْعِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمٍ وَتَسَلُّمٍ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٠٠) . وَأَمَّا الْمُعَاوَضَاتُ كَالْإِجَارَةِ فَحَيْثُ إنَّهَا لَازِمَةٌ وَإِنَّ الْجَهَالَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>