للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مَالًا لَيْسَ لَهُ لِنَفْسِهِ يَكُونُ غَاصِبًا حُكْمًا (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ كَانَ عَنْ عِلْمٍ أَمْ جَهْلٍ.

مِثَالُ أَخْذِهِ عَنْ عِلْمٍ: إذَا وَجَدَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ كَمَا الْمَنْقُولَاتُ وَالْحَيَوَانَاتُ الَّتِي يَفْقِدُهَا صَاحِبُهَا وَأَخَذَهُ فَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:

١ - إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لِنَفْسِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ. سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩٦) . وَإِمَّا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّجُلِ الشَّيْءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ مَمْنُوعٌ وَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَسَبَبُ الْقَوْلِ هُنَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ عِوَضٌ عَنْ الْقَوْلِ يَكُونُ غَاصِبًا هُوَ أَنَّ الْغَصْبَ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ يَحْصُلُ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ فُقِدَ يَعْنِي أَنَّ يَدَ صَاحِبِهِ لَمْ تُوجَدْ عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ الْيَدُ الْمُحِقَّةُ أُزِيلَتْ يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ نُزِعَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ بِنَاءً عَلَى أَخْذِ الرَّجُلِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ فَإِذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صُنْعٌ وَتَقْصِيرٌ فِي هَلَاكِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١ ٨٩) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَعَادَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ لَا يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ بَلْ يَبْقَى فِي ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢ ٨٩) . .

مِثَالٌ أَوَّلٌ: إذَا أَخَذَ رَجُلٌ شَاةً فَرَّتْ مِنْ قَطِيعِ غَيْرِهِ وَالْتَحَقَتْ بِقَطِيعِهِ ظَانًّا أَنَّهَا مِنْ غَنَمِهِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١ ٨٨) . .

مِثَالٌ ثَانٍ عَلَى الْأَخْذِ عَنْ جَهْلٍ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ضِمْنَ الثَّوْبِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ أَعْطَى الثِّيَابَ إلَى صَاحِبِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ وَنَسِيَ ثَوْبَهُ وَأَخَذَهُ الْمُودِعُ مَعَ الْوَدِيعَةِ وَبَعْدَ اطِّلَاعِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عَلَى ذَلِكَ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَجَهْلُ الْمُودِعِ لَيْسَ بِعُذْرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢) وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ دَفَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهِ نَاسِيًا فِيهِ ثَوْبَهُ فَقَدْ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا لَهُ إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْمَادَّةِ (١ ٧٧) حَيْثُ دَفَعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْغَيْرُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَقْصُودَ يُلْزِمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَأَخْفَاهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (٩٠١) وَيُقَالُ: إنَّ الْمُودِعَ أَخَذَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَكَانَ فِيهِ ثَوْبُ الْمُسْتَوْدَعِ وَذَهَبَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ حَيْثُ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ صَاحِبِهِ. (الشَّارِحُ) .

٢ - وَأَمَّا إذَا كَانَ أَخْذُهُ الشَّيْءَ بِقَصْدِ إعْطَائِهِ إلَى صَاحِبِهِ مَعْلُومًا فَهُوَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَلَيْسَتْ اللُّقَطَةُ كَالْمَالِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ ذَاهِبٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ أَنْ يَرَى الشَّخْصَ الَّذِي سَقَطَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ.

كَمَا لَوْ وَجَدَ شَخْصٌ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَاهُ نُقُودًا مَدْفُونَةً فَيُنْظَرُ. إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>