وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) ، وَإِنَّمَا عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَكَانَ الشَّخْصُ الَّذِي وَجَدَهَا أَمِينًا فَالْتِقَاطُهَا لَازِمٌ وَوَاجِبٌ وَتَرْكُ هَذَا اللُّزُومِ مُوجِبٌ لِلْإِثْمِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ. يَعْنِي فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ الَّذِي لَمْ يَلْتَقِطْهَا الضَّمَانُ عَلَى تَقْدِيرِ ضَيَاعِ اللُّقَطَةِ الْمَذْكُورَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا وَلَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَفَضَلَاتِ الْخُضْرَةِ فَيُعْتَبَرُ رَمْيُهَا وَإِلْقَاؤُهَا إبَاحَةً فَلِلَّذِي وَجَدَهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ. وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَتَبْقَى فِي مِلْكِيَّةِ مَالِكِهَا فَلِصَاحِبِهَا اسْتِرْدَادُهَا مِنْ يَدِ الْآخِذِ إذَا وُجِدَتْ عَيْنًا، لِأَنَّ رَمْيَهَا إبَاحَةٌ وَلَيْسَ تَمْلِيكًا. وَفِي الْإِبَاحَةِ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ الَّذِي أُبِيحَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِيَّةِ صَاحِبِ الْمَالِ فَحَقُّ اسْتِرْدَادِهِ بَاقٍ (فَتْحُ الْقَدِيرِ)
٥ - الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ اللَّازِمَانِ فِي اللُّقَطَةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ: مَتَى تَكُونُ اللُّقَطَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ يَلْزَمُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ: عِنْدَ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَرَفْعِهَا مِنْ الْمَحِلِّ. الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ أَنْ تُؤْخَذَ بِقَصْدِ إعَادَتِهَا إلَى صَاحِبِهَا. أُفِيدَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ بِفِقْرَةِ (إذَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ) .
الثَّانِي: الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَجَلَّةِ.
الثَّالِثُ: الْإِعْلَانُ بَعْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٠ ٧٧) .
فَلْنُوَضِّحْ الشَّرْطَ الثَّانِي: إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ أَثْنَاءَ الْتِقَاطِهِ اللُّقَطَةَ يَعْنِي عِنْدَمَا يَرْفَعُ اللُّقَطَةَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِدُهَا فِيهِ أَنَّهُ وَجَدَ اللُّقَطَةَ وَأَخَذَهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا يُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخَذَهَا حَتَّى يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا. وَحَيْثُ إنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْإِشْهَادِ إثْبَاتُ الِالْتِقَاطِ لِأَجْلِ رَدِّ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا لَدَى الْإِيجَابِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الشُّهُودُ أَشْخَاصًا عُدُولًا وَمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ. وَيَحْصُلُ الْإِشْهَادُ بِقَوْلِ الْآخِذِ لِلشُّهُودِ: عِنْدِي شَيْءٌ مَفْقُودٌ أَخْبِرُوا عَنِّي كُلَّ مَنْ سَمِعْتُمْ بِأَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَى اللُّقَطَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا (الْإِشْهَادُ عَلَى اللَّقْطَةِ) . وَالْإِشْهَادُ لَازِمٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّقَطَةُ ذَاتَ قِيمَةٍ أَوْ كَانَتْ لَا أَهَمِّيَّةَ لَهَا. وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِشْهَادِ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ اللُّقَطَةِ أَوْ بَيَانِ جِنْسِهَا بِأَنَّ اللُّقَطَةَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
الْمَالُ الَّذِي يُلْتَقَطُ تَحْتَ هَذِهِ الشُّرُوطِ يَكُونُ أَمَانَةً.
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ اللُّقَطَةِ أَمَانَةً.
أَوَّلًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا لَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحٍ الْمَادَّةِ (٧٦٨) وَإِذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٧٧٤ ١) .
ثَانِيًا - لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَ اللُّقَطَةَ إلَى أَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٧٨٠) وَإِذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ وَلَا أَمِينَهُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (١ ٩) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
ثَالِثًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِسَبَبِ تَعَدِّي أَوْ تَقْصِيرِ الْمُلْتَقِطِ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا وَإِذَا