للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - إذَا كَانَ أَخَذَهُ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْأَخْذِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ هُنَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٤) أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَمْ غَيْرَ عَالَمٍ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ ظَنًّا بِأَنَّهُ مَالُهُ يَكُونُ ضَامِنًا. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْقَصَّارُ أَحَدًا ثَوْبَ الْغَيْرِ ظَانًّا بِأَنَّهُ لَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَكُونُ الِاثْنَانِ ضَامِنَيْنِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩١٢) . وَالْجَهْلُ لَيْسَ عُذْرًا. وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمَا وَإِنْ ضَمَّنَّهُ لِلْمُسْتَهْلِكِ فَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَصَّارِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٦٥٨) . وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهُ لِلْقَصَّارِ يَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٢ - عَلَى كُلِّ حَالٍ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ وَيُلَاحَظُ هَذَا التَّعْبِيرُ بِثَلَاثَةِ وُجُوهِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - بِمَعْنَى أَنَّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَلَاكُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَمْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ وَعَدَمُ إتْيَانِ قَيْدِ قَضَاءً فِي الْمِثَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّعْمِيمُ فَلَا شُبْهَةَ بِأَنَّ التَّعْمِيمَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٩١) . إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِيءُ مُلَائِمًا قَيْدَ قَضَاءٍ الْمَذْكُورَ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ بِمَقَامٍ بِلَا تَعَدٍّ.

الْوَجْهُ الثَّانِي - يَعْنِي أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ لِأَجْلِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِأَجْلِ إرَاءَتِهِ لِلْغَيْرِ أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ كَالِاسْتِعْمَالِ مَثَلًا. وَهَذَا التَّعْمِيمُ أَيْضًا صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةُ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ - بِمَعْنَى أَنَّهُ سَوَاءٌ أَسُمِّيَ الثَّمَنُ أَوْ لَمْ يُسَمَّ. وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ لِرِوَايَةِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُلَاءَمَةِ الْعِبَارَةِ لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ التَّعْمِيمِ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا.

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - إذَا كَانَ أَخْذُهُ لِلْمَالِ الَّذِي هَلَكَ قَضَاءً فِي يَدِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلِكَوْنِ ذَلِكَ الْمَالِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُهُ فِي حَالَةِ هَلَاكِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٧٨٦) . .

وَلَا اشْتِبَاهَ فِي أَنَّ قَيْدَ (قَضَاءً الْوَارِدَ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ عَلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ) . كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمِثَالَيْنِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا أَيْضًا.

هَذِهِ الْفِقْرَةُ أَيْ فِقْرَةُ (الْمَالُ الْمَأْخُوذُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَمَانَةٌ) قَاعِدَةٌ تَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابِ عِلْمِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ. فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا:

١ - الْإِقْرَاضُ. إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ ذَهَبًا قَرْضًا فَأَعْطَاهُ سَهْوًا سِتِّينَ ذَهَبًا وَبَيْنَمَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ آيِبًا فِي الطَّرِيقِ كَيْ يَرُدَّ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَفْرَزَهَا هَلَكَتْ فَحَيْثُ إنَّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ قَرْضًا يَضْمَنُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ. يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ وَأَمَّا الْبَاقِي مِنْهُ فَحَيْثُ إنَّهُ وَدِيعَةٌ وَأُخِذَتْ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَالْخَمْسُونَ ذَهَبًا الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ دَيْنُ الْمُقْرِضِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ (الشَّارِحُ) .

٢ - أَدَاءُ الدَّيْنِ. إذَا كَانَ الشَّخْصُ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَأَعْطَاهُ سَهْوًا اثْنَيْ عَشْرَ ذَهَبًا وَاطَّلَعَ الْقَابِضُ عَلَى ذَلِكَ أَخِيرًا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ تَكُونُ الِاثْنَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ أَمَانَةً (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>