للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ كَوْنُ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَوْدَعُ مَأْذُونًا (الْبَحْرُ) .

وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ بَالِغَيْنِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إيدَاعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولُهُمَا الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَحَيْثُ إنَّ إيدَاعَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا قَبِلَ شَخْصٌ مَالَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ يَكُونُ غَاصِبًا.

وَحَيْثُ إنَّ قَبُولَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ مَالَهُ عِنْدَ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالْإِجْمَاعِ. يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (٩١٦) لَا يَجْرِي فِيهِ. وَلَكِنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُودِعَ مَالَهُمَا.

وَلَكِنَّ إيدَاعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ وَقَبُولَهُ الْوَدِيعَةَ صَحِيحٌ. سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا إذْنًا عَامًّا أَمْ خَاصًّا لِقَبُولِ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (٩٦٦ و ٩٦٧) .

وَبِنَاءً عَلَى أَنَّ إيدَاعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ صَحِيحٌ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ وَدِيعَةً مِنْهُ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٧٧) .

وَإِذَا تُوُفِّيَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ مُجْهِلًا الْوَدِيعَةَ تُضْمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٠١) . وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ يَكُونُ ضَامِنًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٨٧) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ الْمَأْذُون مُؤَاخَذٌ بِالضَّمَانِ لِتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ.

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي حَالَةِ اسْتِهْلَاكِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْمَالَ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ: تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِالْمَأْذُونِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورِ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَمَا أَنَّهُ إذَا قَبِلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ مُحَافَظَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْوَدِيعَةَ فِي حَالِ صِبَاهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ تَضْيِيعُ الْأَمْوَالِ فَيَكُونُ الْمُودِعُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَالَ مَعَ عِلْمِهِ هَذِهِ الْعَادَةَ رَضِيَ بِاسْتِهْلَاكِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِهْلَاكِهِ الْوَدِيعَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلِذَلِكَ إذَا دَلَّ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ السَّارِقَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ أَوْ شَاهَدَ السَّارِقَ وَهُوَ يَسْرِقُ الْوَدِيعَةَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَالْحَالُ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَتَى بَلَغَ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٨٨٧) . أَيْ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَكُونُ ضَامِنًا.

وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا أُودِعَ مَالٌ عِنْدَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مُجْهِلًا فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>