للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ (الْبَحْرُ) .

وَكَوْنُ إنْكَارِ الْوَدِيعَةِ تَعَدِّيًا مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ.

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْكَارُ تِجَاهَ الْمُودِعِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنْكَارُهُ تِجَاهَ غَيْرِ الْمُودِعِ لَيْسَ تَعَدِّيًا.

بَلْ لَرُبَّمَا كَانَ حِفْظًا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَحِلِّهَا حَالَ جُحُودِهِ أَوْ كَانَتْ عَقَارًا وَكَانَ نَقَلَهَا غَيْرَ قَابِلٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الضَّمَانُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَكِنَّهُ لَازِمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (الْبَحْرُ) .

مَثَلًا لَوْ سَأَلَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ قَائِلًا: هَلْ لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَك؟ فَأَجَابَهُ الْمُسْتَوْدَعُ سَلْبًا، لَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَدِّيًا بَلْ لَرُبَّمَا كَانَ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَدِيعَةِ مِنْ سُوءِ قَصْدِ السَّائِلِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْكَارُ حِينَمَا يَطْلُبُهَا الْمُودِعُ بِقَصْدِ أَخْذِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ السُّؤَالِ عَنْ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ بِالْمُحَافَظَةِ وَشُكْرِهِ فَجَوَابُ الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ، لَا يُعَدُّ جُحُودًا وَإِنْكَارًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (الْبَحْرُ) . وَسَنَزِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَفْصِيلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٨٧) .

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ إنْكَارُ الْمُسْتَوْدَعِ مَبْنِيًّا عَلَى سَبَبٍ شَرْعِيٍّ.

فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَدُوٌّ مَوْجُودًا عِنْدَ طَلَبِ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ وَكَانَ يَخَافُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَهَا جَبْرًا لَدَى الْإِقْرَارِ بِهَا فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَصَدَ الْحِفْظَ بِهَذَا الْإِنْكَارِ (الْبَحْرُ) .

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: يَجِبُ أَنْ لَا يُحْضِرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَحْضَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهَا وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهَا لِلْمُودِعِ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُسْتَوْدَعِ: (فَلْتَبْقَ الْوَدِيعَةُ بِيَدِك) ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَعَ أَنَّ الْمُودِعَ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِهَا فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ إيدَاعًا جَدِيدًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُودِعُ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَارَةَ لَمْ يَتِمَّا بَعْدُ.

٩ - مَسْأَلَةُ - إذَا دَلَّ الْمُسْتَوْدَعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَسَرَقَهَا السَّارِقُ الْمَرْقُومُ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَلَكِنْ بَعْدَ الدَّلَالَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَنَعَ السَّارِقَ أَثْنَاءَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَهَا السَّارِقُ جَبْرًا وَقَهْرًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

١٠ - مَسْأَلَةُ - إنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ يُعْتَبَرَانِ فِي كَوْنِ بَعْضِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْوَدِيعَةِ تَعَدِّيًا أَمْ لَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٣٦) .

مَثَلًا لَوْ رَبَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلٍّ يُعَدُّ رَبْطُهُ إيَّاهُ فِيهِ تَعَدِّيًا عُرْفًا فَهَلَكَ بَعْدَ أَنْ بَعُدَ عَنْ نَظَرِهِ يَضْمَنُ.

كَمَا لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي بِيَدِهِ فِي دُكَّانٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ أَوْ شَدَّ شَبَكَتَهُ عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ وَتَرَكَهَا وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِأَجْلِ شَغْلِهِ هَلَكَتْ فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ هَكَذَا يَعْنِي أَنْ يُتْرَكَ بَابُ الدُّكَّانِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ أَمْتِعَةٌ مَفْتُوحًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ حَارِسٍ لَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَكُونُ فِي هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>