لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يُورِدُهُ الْمُودِعُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ وَيَقْبَلُهُ الْمُسْتَوْدَعُ مُعْتَبَرٌ إذَا كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ يَعْنِي إنْ كَانَ تَنْفِيذُهُ وَإِيفَاؤُهُ مُمْكِنًا وَمُفِيدًا أَيْ نَافِعًا لِلْمُودِعِ. وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ حَتَّى إذَا لَمْ يُرَاعِهِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَضْمَنُ.
رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٨٧) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ وَمُفِيدًا فَهُوَ لَغْوٌ. وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٨٣) .
يَحْصُلُ مِنْ تَحْلِيلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: اثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمُثْبِتِ وَاثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمَنْفِيِّ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُفِيدًا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُمْكِنِ التَّنْفِيذِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُفِيدًا.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُفِيدٍ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ.
، وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ بِصُورَةِ النَّشْرِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
مَثَلًا لَوْ أُودِعَ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَحَصَلَتْ ضَرُورَةٌ لِنَقْلِهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فَإِذَا نُقِلَتْ الْوَدِيعَةُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ هُنَاكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩١) . وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَرِيقُ غَالِبًا مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرِيقُ مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُخَافُ مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ الْوَدِيعَةُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي حَالَةِ تَسْلِيمِهَا إلَى شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ.
هَذَا الْمِثَالُ الْحُكْمُ الرَّابِعُ.
وَفِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَتْ رِعَايَةُ الْمُسْتَوْدَعِ بِهَذَا الشَّرْطِ مُمْكِنَةً فَإِذَا رَاعَاهُ يَكُونُ عَدَمُ نَقْلِهِ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُودِعِ لَا بَلْ مُضِرًّا لَهُ بِاحْتِرَاقِ الْوَدِيعَةِ. وَلَكِنْ إذَا نَقَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَادَّعَى هَذِهِ الضَّرُورَةَ بِنَاءً عَلَى هَلَاكِهَا هُنَالِكَ فَأَنْكَرَ الْمُودِعُ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَادِّعَاءُ الضَّرُورَةِ ادِّعَاءٌ مُسْقِطٌ الضَّمَانَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهَذَا لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ حُصُولَ الِاضْطِرَارِ لِلنَّقْلِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي دَارِهِ فَإِنْ كَانَ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِهِ مَعْلُومًا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِيَمِينِهِ.
خُلَاصَةُ الْكَلَامِ، مَتَى ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَبْقَى احْتِيَاجٌ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْآخَرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا شَرَطَ الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِالذَّاتِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ شَخْصًا اعْتَادَ مِنْ الْقَدِيمِ حِفْظَ مَالَ نَفْسِهِ - أَيْ مَالِ الْمُسْتَوْدَعِ - أَوْ أَجْنَبِيًّا كَوَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٨٠) فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ النَّهْيُ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِمْكَانِ لِتَنْفِيذِهِمَا.
سُؤَالٌ، شَرْطُ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا إذْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحِفْظُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِعَقْدِ