للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَلِيلُ الْإِمَامَيْنِ هُوَ بِمَا أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ طَلَبَ حِصَّتَهُ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَهَذَا مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَائِهِ إيَّاهَا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ وَبِدُونِ إذْنِهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (١١٤٧) . يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا لِلْمُشَارِكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ حَالَ غِيَابِهِ فَلَهُ حَقٌّ أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْضًا إذَا وُجِدَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ.

وَذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ ١١٠٠ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ.

وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ جَارٍ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَلَيْسَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ جَاءَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَذِكْرُ الشَّرِيكَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَثْنَى لَيْسَ احْتِرَازِيًّا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا أَيْضًا إذْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا هَكَذَا كَمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا وَجَاءَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ فِي غِيَابِ الْآخَرِ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا حِصَّتَهُمَا مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَإِذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الَّذِي طَلَبَ حِصَّتَهُ الْحَاكِمَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَأْمُرُ الْمُسْتَوْدَعَ بِإِعْطَائِهِ حِصَّتَهُ. حَتَّى لَوْ أَعْطَى ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ وَدِيعَتَهُمْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ شَخْصًا آخَرَ وَأَنْذَرُوهُ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِأَحَدِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعِينَ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (الْخَانِيَّةُ) .

الْأَحْكَامُ فِيمَا لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ الْمُتَعَدِّدِينَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ.

إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُودِعَ الْحَاضِرَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِمُوجِبِ فِقْرَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِيَدِ الْقَابِضِ تَعُودُ خَسَارَتُهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا يَحْضُرُ الْمُودِعُ الْآنَ يَأْخُذُ الْحِصَّةَ الْمَوْجُودَةَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ تَمَامًا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ الطَّالِبِ حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْأُخْرَى بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَحَضَرَ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ وَالتَّسْلِيمُ هَذَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الْمَأْخُوذَةُ مِلْكًا لِمَنْ قَبَضَهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَتْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا حِينَمَا يَحْضُرُ. إنْ شَاءَ شَارَكَ الْقَابِضَ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي أَخَذَهَا يَعْنِي أَخَذَ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ حِصَّتَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمَادَّةِ (٩١) . وَيَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ بِحَسَبِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى الْقَابِضِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَقَالَ الْحَمَوِيُّ: إنَّ كَوْنَ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ مَعًا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ. وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ فَقَطْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَوُجُودُ الْآخَرِ حِينَ الْإِيدَاعِ لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاكَهُ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ شَاهِدًا مَثَلًا انْتَهَى.

كَوْنُ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ حَامِلًا الْوَدِيعَةَ مَثَلًا وَسَلَّمَهَا الِاثْنَانِ لِلْمُسْتَوْدَعِ قَائِلَيْنِ (هَذَا الْمَالُ لَنَا نُعْطِيكَهُ كَيْ يَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَك) يَصِيرُ الْمُودِعُ اثْنَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>