للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَعَرْت فُلَانًا دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي هَذَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا يَسْمَعُ كَلَامَ الْمُعِيرِ وَأَخَذَ تِلْكَ الدَّابَّةَ أَوْ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ شَرْطٌ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا صَارَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (١٦٧) .

أَمَّا لَوْ اسْتَمَعَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ رَسُولٌ كَلَامَ الْمُعِيرِ أَوْ فُضُولِيٌّ عَدْلٌ وَأَخْبَرَا الْمُسْتَعِيرَ بِهِ وَأَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولٌ فِعْلًا: الْحُكْمُ الثَّالِثُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَا إيجَابٍ أَيْضًا.

وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ الِاسْتِعَارَةِ: خُذْ دَابَّتِي هَذِهِ وَاسْتَخْدِمْهَا وَاسْتَعْمِلْهَا وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَارِيَّةً بَلْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ وَتَكُونُ نَفَقَةُ الدَّابَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا لِإِعْطَاءِ الْمُودِعِ الْمُسْتَوْدَعَ الْإِذْنَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَا تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨١٥) .

١ - مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك مَالِي هَذَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك إيَّاهُ عَارِيَّةً، أَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك مَنْفَعَةَ مَالِي هَذَا بِلَا عِوَضٍ، فَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْت؛ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ وَقَبَضَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَيْضًا انْعَقَدَتْ الْإِعَارَةُ.

الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَدْ تَبَيَّنَ بِقَوْلِ (مَثَلًا) أَنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةُ لَا يَنْحَصِرُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ.

وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ قَدْ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ عَارِيَّةً لَا قَرْضًا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْفَاسِدَ هُوَ أَخْذُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِاسْتِهْلَاكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ مِثْلَهَا. أَمَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِقِيمَتِهَا (الْبَحْرُ) .

وَكَمَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِقَوْلِ أَحَدٍ لِآخَرَ: أَقْرَضْتُك ثَوْبِي لِتَلْبَسَهُ يَوْمًا وَاحِدًا، أَوْ أَقْرَضْتُك دَارِي لِتَسْكُنَهَا سَنَةً، وَقَبِلَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ: أَعْطَيْتُك دَابَّتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا وَتَعْلِفَهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

بَيْدَ أَنَّهُ فِي انْعِقَادِ الْإِعَارَةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ قَوْلَانِ: فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَجَّرْتُك دَارِي هَذِهِ لِمُدَّةِ شَهْرٍ مَجَّانًا أَوْ قَالَ لَهُ: أَجَّرْتُك دَارِي هَذِهِ مَجَّانًا بِدُونِ لَفْظِ (شَهْرٍ) فَتَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣) وَشَرْحَهَا.

كَمَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهَا اعْتَمَدَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٤٠٥) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ كَمَا يَكُونُ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ يَكُونُ بِالْعَكْسِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُعِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>