للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَارَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٤٣) إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا أَمَّا إذَا كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَادِ لَزِمَ الضَّمَانُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَحِلٍّ فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ الْمَحِلُّ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ أَقْرَبَ مِنْ الْمُسَمَّى وَلَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إلَى الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعَارَهُ إيَّاهَا لِلذَّهَابِ وَلَيْسَ لِلْإِمْسَاكِ (الْبَحْرُ) إذْ إنَّ إمْسَاكَ الدَّابَّةِ فِي الْإِصْطَبْلِ بِلَا عَمَلٍ مُضِرٌّ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥٤٦) وَقَدْ فَصَّلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨١٧) .

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ إنْسَانٌ قِلَادَةً فَقَلَّدَهَا الصَّبِيَّ وَتَرَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الصَّبِيِّ مَنْ يَحْرُسُهُ بِعَيْنِهِ فَسُرِقَتْ الْقِلَادَةُ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَادِرًا عَلَى حِفْظِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ الْعَارِيَّةُ لِآخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨١٩) وَالْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ.

إنَّ الْمِثَالَ الَّذِي مَرَّ لَمْ يَكُنْ مِثَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَيُعْتَبَرُ مِثَالًا لَهَا بِسَبَبِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى حِفْظِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانُ تِلْكَ الْقِلَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرِ الْقَادِرِ عَلَى حِفْظِهَا فَقَدْ ضَيَّعَ الْقِلَادَةَ أَيْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهَا. وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ السَّارِقَ أَيْضًا لَا يَنْجُو مِنْ الضَّمَانِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَالْمُعِيرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لِتَضْيِيعِهِ إيَّاهَا وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَجَلَّةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ تَضْمِينُ السَّارِقِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ السَّارِقَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لِلسَّارِقِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١٠) .

وَكَذَلِكَ إذَا نَبَّهَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِأَنَّ دَابَّتَهُ لَا تُحْفَظُ بِدُونِ مِقْوَدٍ وَأَنَّهُ يَجِبُ قَوْدُهَا بِمِقْوَدٍ وَأَلَّا يَتْرُكَ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا فَقَادَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِدُونِ مِقْوَدٍ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَسَقَطَتْ وَعَطِبَتْ رِجْلُهَا لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَدْ خَالَفَ شَرْطًا مُفِيدًا.

وَكَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْهِلًا تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ مِنْ تَرِكَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٠١) وَشَرْحَهَا.

وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ أَمَامَهُ وَنَامَ جَالِسًا وَسُرِقَتْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَالِ السَّفَرِ أَمْ فِي حَالِ فِي الْحَضَرِ.

أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا وَسُرِقَتْ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَضَرِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي حَالِ السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَمْ أَمَامَهُ أَمْ كَانَ حُوِّلَ بِصُورَةٍ يُعَدُّ فِيهَا حَافِظًا لَهُ: (الِادِّعَاءُ بِوُقُوعِ التَّصَرُّفِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ) .

لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَلِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمُعِيرُ فَبِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٨٧) وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُعِيرُ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ فَبِهَا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ يَحْلِفُ الْمُعِيرُ الْيَمِينَ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٣٢) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>