تَلْبَسُهُ فِي عُرْسِ فُلَانٍ لَزِمَ إعَادَتُهُ فِي خِتَامِ ذَلِكَ الْعُرْسِ لَكِنْ يَجِبُ مُرُورُ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لِلرَّدِّ وَالْإِعَارَةِ) .
الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً فِيمَا أَنَّهَا تَكُونُ فِي خِتَامِ الْوَقْتِ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْمُعِيرِ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ تَوْقِيفُهَا زِيَادَةً عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ.
الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا، هِيَ الْحَاوِيَةُ لِلتَّوْقِيتِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ الْمُوَقَّتَةُ دَلَالَةً، هِيَ الْعَارِيَّةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى التَّوْقِيتِ بِعَمَلٍ مَخْصُوصٍ وَالْمَادَّةُ (٨٢٧) تَعْبِيرٌ عَامٌّ لِذَلِكَ. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمُسْتَعِيرُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ أَمْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى انْتَهَتْ الْمُدَّةُ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِمْسَاكِهِ الْعَارِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إذْنُ الْمُعِيرِ مُوَقَّتًا فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ قَدْ أَمْسَكَ لِنَفْسِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٩١) .
اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ فِي حَالَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَقَالُوا بِعَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ وَتَلِفَ وَهُوَ مُحَافِظٌ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَيَرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الْفَيْضِيَّةِ وَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لُزُومُ الضَّمَانِ قِيَمًا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ. فَالْقَائِلُونَ بِلُزُومِ رَدِّهِ قَالُوا بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الرَّدِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (٨٢٧) بِلُزُومِ الضَّمَانِ أَمَّا الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فَيَقُولُونَ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُ الرَّدُّ بَعْدَ الطَّلَبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ الْعَارِيَّةِ لِآخَرَ كَانَ ضَامِنًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ وَيَكُونُ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِيَ.
كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُوَقَّتَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْعَارِيَّةُ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِأَجْلِ تَوْصِيلِهَا إلَى الْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إذَا كَانَ أَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ أَوْ تَرَكَهَا بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ.
لَكِنْ الْمُكْثُ الْمُعْتَادُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ مَعْفُوٌّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٣٦) ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُكْثِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١) وَيُعْرَفُ الْمُكْثُ الْمُعْتَادُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الَّتِي لَمْ يُعَيَّنْ مِقْدَارُهَا فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ الرُّجُوعُ إلَى الْعَادَةِ.
مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ إلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لَزِمَ رَدُّ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعَارِ فِي حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ نَصًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute