للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَارًا وَقِيمَتُهَا عَلَى أَنْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ ثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ) .

اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ بِالشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِعَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَيَانَ حَصْرِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ إنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي أَيْضًا لِلْمَرَاحِ وَنَصْبِ الْخِيَامِ وَإِيقَافِ وَإِقَامَةِ الدَّوَابِّ وَلِلزِّرَاعَةِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحَيَوَانِ لِلرُّكُوبِ وَلِلْحَمْلِ وَلِلْحِرَاثَةِ وَلِإِيجَارِهِ لِآخَرَ وَرَهْنُهُ وَالْحُلِيِّ لِلتَّزْيِينِ وَتُزَيَّنُ الدَّارُ بِهِ، وَالثِّيَابِ لِلُّبْسِ وَالدَّارِ لِسُكْنَاهَا وَوَضْعِ أَمْتِعَتِهِ فِيهَا وَالْجُذُوعِ لِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَحْكَامُ الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ.

فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرًا وَالْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرٌ عَلَى رَفْعِ الْبِنَاءِ وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. وَقَدْ جَازَ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٠٦) .

بِطَلَبِ قَلْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ شَغَلَ بِمِلْكِهِ مِلْكَ الْمُعِيرِ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٩٠٩) : لَوْ شَغَلَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ بِوَضْعِ كُنَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ مَا وَضَعَهُ وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ (الْبَحْرُ) .

وَإِذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمُحَرَّرُ فِي الْقَضِيَّةِ الْآتِيَةِ: وَكَذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَضْمِينُ الْمُعِيرِ النُّقْصَانَ الطَّارِئَ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ فِقْرَةِ " ثُمَّ إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً " لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يَكُونُ الْمُعِيرُ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُغَرِّرًا لِلْمُسْتَعِيرِ بَلْ يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ هُوَ الَّذِي أَغَرَّ نَفْسَهُ وَقَدْ ظَهَرَ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ سَبَبُ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ الْمَوْجُودُ بَيْنَهُمَا.

تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ: لِلْمُعِيرِ حَقٌّ آخَرُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مُضِرًّا فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مَقْلُوعَةً وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ. يَعْنِي لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ بِقِيمَتِهَا فِي الْحَالِ وَقْتَ رُجُوعِهِ مَقْلُوعَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ عَلَى أَرْضِ الْمُسْتَعِيرِ نُقْصَانٌ فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ مُسْتَقِلًّا لِدَفْعِ ضَرَرِهِ.

وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ يَطْرَأُ نُقْصَانٌ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِنَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَعِيرُ صَاحِبُ وَصْفٍ. أَمَّا الْمُعِيرُ فَصَاحِبُ أَصْلٍ فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ طَرَفُ صَاحِبِ الْأَصْلِ.

لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُهُمَا مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا جَبْرًا يَعْنِي بِدُونِ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُعِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَيْضًا بِالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ كَانَ تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ وَشِرَاؤُهُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٣١) وَشَرْحَهَا.

وَالْحَاصِلُ - إذَا كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمُعِيرِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي تَمَلُّكِهِمَا جَبْرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُعِيرَ عَلَى التَّمَلُّكِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُسْتَعِيرُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَلْعِ وَلَوْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>