للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مُرَبِّيهِ: قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ الْمُرَبِّي فِي الْمَادَّةِ (٨٥٢) بِمَعْنًى مُقَابِلٍ لِلْوَلِيِّ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ هُنَا فِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا وَلَا وَصِيًّا وَعَلَيْهِ فَهِبَةُ الْمُرَبِّي صَحِيحَةٌ بِلَا قَبْضٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ:

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ ذَلِكَ الْمُرَبِّي وَتَرْبِيَتِهِ حِجْرٌ تُقْرَأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا جَمْعُهَا حُجُورٌ وَيُطْلَقُ الْحِجْرُ عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ أَيْ الْبُكُورِ فَمَعْنَى فِي حِجْرِهِ أَيْ فِي تَرْبِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ (فِي تَرْبِيَتِهِ) أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ بِعِطْفٍ تَفْسِيرِيٍّ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ فِي عِبَارَةِ (فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ) .

وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْمُرَبِّي سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ ذَوِي قُرْبَى الطِّفْلِ كَالْأَخِ وَالْأُمِّ وَالْخَالِ أَمْ كَانَ أَجْنَبِيًّا كَالْمُلْتَقِطِ.

وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَقْرِبَاءَ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ لِلصَّغِيرِ مَالًا لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ الصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكُ الصَّغِيرُ ذَلِكَ الْمَالَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَيَلْزَمُ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ وَلِيٌّ لِلصَّغِيرِ أَوْ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُودِ وِلَايَةٍ لِهَؤُلَاءِ الْمُرَبِّينَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَوُجُودِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَانِعَانِ لِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ. إنَّ وِلَايَةَ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ تَثْبُتُ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ فَأَمَّا مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَا سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْقَابِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا (الْفَتْحُ) وَإِنْ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: الِاخْتِلَافُ الْمُبَيَّنُ الظَّاهِرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٥٢) يَجْرِي هُنَا أَيْضًا فَلَمْ أَرَ غَيْرَهُ مَنْ قَالَ بِهَذَا.

وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا فِي يَدِهِ وَأَبُوهُ حَيٌّ لَزِمَ قَبُولُ الْأَبِ وَقَبْضُهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِحَفِيدِهِ أَيْ ابْنِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ شَيْئًا لَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ وَأَبُوهُ مَوْجُودٌ فَلَا حُكْمَ لِتِلْكَ الْهِبَةِ (النَّتِيجَةُ، وَالْمُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْعِنَايَةُ) .

وَالْمَقْصِدُ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَفَاتُهُ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا بِغَيْبَتِهِ غِيبَةً مُنْقَطِعَةً أَيْ أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا (الْكُتُبُ السَّابِقَةُ) .

٤ - سَوَاءٌ أَكَانَ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا إعَارَةً لِآخَرَ. فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْوَدِيعَةِ. فَلَوْ وَهَبَ الْمُعِيرُ لِلطِّفْلِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا قَدْ أَعَارَهُ لِأَحَدٍ مَلَكَهُ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا (الْبَزَّازِيَّةُ) .

وَالْحَاصِلُ: تَتِمُّ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ: أَوَّلُهَا: مَا كَانَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ. ثَانِيهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِ الْوَاهِبِ. ثَالِثُهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَعِيرِ الْوَاهِبِ.

وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

وَيُحْتَرَزُ بِالتَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ عَنْ سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ: أَوَّلُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي الْمُشْتَرِي شِرَاءً بِبَيْعٍ فَاسِدٍ.

يَعْنِي لَوْ بَاعَ أَحَدُ مَالًا لَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>