للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزَةٌ فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إفْرَازُهَا وَتَسْلِيمُهَا لِتُفِيدَ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذْ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِتَسْلِيمِهَا مُشَاعًا وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْعِنَايَةُ) وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْأَبِ لِطِفْلِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: قَدْ وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ وَكَانَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَائِمَةً تَمَامًا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَوْجُودَةً فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ هِبَةَ شَائِعٍ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) .

اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا شَائِعًا لِلْآخَرِ مَثَلًا لَوْ كَانَ قَصْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو شَائِعًا وَوَهَبَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَهَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَقَالُوا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْهِبَةِ هُوَ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى أَمَّا ظَاهِرُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْهِبَةِ لِلشَّرِيكِ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٥١) إنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِطِفْلِهِ كَانَ صَحِيحًا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - اُخْتُلِفَ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى كَوْنِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاسِدَةً وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الدُّرَرِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَتَّهِبُهُ شَائِعًا. قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى.

فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ الْعَرْصَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ هِبَةً فَاسِدَةً صَحَّ الْوَقْفُ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ تَمَامِ هِبَةِ الْمُشَاعِ " أَبُو السُّعُودِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي " وَالْأَصَحُّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ " الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا ".

وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا وُهِبَ مَالٌ مُشَاعٌ ثُمَّ أُفْرِزَ وَقُسِّمَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَسُلِّمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَصْبَحَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ تَامَّةً وَانْقَلَبَتْ إلَى الصِّحَّةِ " عَبْدُ الْحَلِيمِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " ٢٤ " وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَقَسَّمَ الْوَاهِبُ بِالذَّاتِ أَمْ أَنَابَ أَحَدًا فَقَسَّمَهُ أَمْ أَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَقَسَّمَهُ مَعَ الشَّرِيكِ رَدُّ الْمُحْتَارِ.

مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ عَنْ كَوْنِ هِبَةِ الشَّائِعِ غَيْرَ تَامَّةٍ: أَوَّلًا - إذَا تَصَرَّفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ " فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ دَارِهِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ وَسَلَّمَهَا كُلَّهَا بِهِ ثُمَّ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ تَسَلُّمِهِ الْكُلَّ الْحِصَّةَ الْمَوْهُوبَةَ مِنْ آخَرَ فَلَا تَصِحُّ " الْهِدَايَةُ، وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ " الزَّيْلَعِيّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ".

ثَانِيًا - يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاَلَّذِي سُلِّمَ مُشَاعًا " الزَّيْلَعِيّ ".

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الشُّيُوعُ الَّذِي يَحِلُّ بِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الَّذِي يَكُونُ وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْهِبَةِ فَقَطْ " النِّهَايَةُ ".

وَالْحَاصِلُ - فِي هَذَا أَرْبَعُ صُوَرٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>