للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشْرَ) .

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - هِبَةُ الشَّاغِلِ جَائِزَةٌ يَعْنِي لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الشَّاغِلَ مِلْكَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَشْغَلُ الظَّرْفَ أَمَّا الظَّرْفُ فَلَا يَشْغَلُ الْمَظْرُوفَ (الْحَمَوِيُّ) .

مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَا فِي دَارِهِ مِنْ أَشْيَاءَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهَا مَعَ الدَّارِ لَهُ صَحَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ كُلَّ مَا فِي مَكْتَبَتِهِ مِنْ الْكُتُبِ لِابْنِهِ وَسَلَّمَهَا مَعَ الْمَكْتَبَةِ وَقَبَضَ الْآخَرُ الْكُتُبَ وَالْمَكْتَبَةَ تَمَّتْ الْهِبَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّقِيقَ الَّذِي فِي غِرَارَةٍ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْغِرَارَةِ جَازَ. كَذَا لَوْ وَهَبَ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ وَهَبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْقِرْبَةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْقِرْبَةِ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ غَيْرُ مَشْغُولٍ بَلْ شَاغِلٌ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ يَدِ الْوَاهِبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَالْوَاقِعُ أَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي الظَّرْفِ فَبِمَا أَنَّ الظَّرْفَ آلَةٌ لِلْحِفْظِ فَهُوَ تَابِعٌ فَثُبُوتُ الْيَدِ التَّابِعِ لَا يُوجِبُ قِيَامَ الْيَدِ فِي الْأَصْلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

أَمَّا هِبَةُ الْمَشْغُولِ فَلَا تَجُوزُ أَيْ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَالِ الْمَشْغُولِ بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ وَمِلْكِهِ (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ كَانَ كَالْمُشَاعِ وَفِي حُكْمِهِ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَا تَجُوزُ. إلَّا إذَا سَلَّمَهَا بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْهِبَةُ كَمَا تَصِحُّ لَوْ وَهَبَهُ الْأَمْتِعَةَ أَيْضًا وَسَلَّمَهُ الْكُلَّ مَعًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٤) (الطَّحْطَاوِيُّ) .

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَالْمَشْغُولَ بِهِ مَعًا لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَحْدَهُ وَتَمَامُ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْلَى فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَحْدَهُ:

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ هَاتَيْنِ الْغُرْفَتَيْنِ وَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا مَشْغُولَةً فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيَلْزَم أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ.

وَلَا اعْتِبَارَ لِلْإِذْنِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. كَمَا لَا اعْتِبَارَ لِلتَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. إلَّا أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ إذَا وُجِدَ فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ إنْسَانٌ أَجْنَبِيٌّ حُرٌّ وَلَا تُعَدُّ مَشْغُولَةً بِقُعُودِهِ لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْوَاهِبُ الدَّارَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا أَوْ أَهْلُهُ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّسْلِيمُ (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ، تَجُوزُ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ لِلْمَشْغُولِ.

أَوَّلًا - لَوْ وَهَبَ الْأَبُ الْمَشْغُولَ لِطِفْلِهِ جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ أَوْ مَزْرَعَتَهُ الْمَشْغُولَةَ بِزَرْعِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِمَا عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا أَمَّا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ السَّاكِنَ مَعَهُ فِي مَنْزِلِ مَمْلُوكَ، ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَتَاعِهِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَتَسْلِيمٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

ثَانِيًا - لَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ دَارَهَا السَّاكِنَةَ فِيهَا وَزَوْجُهَا وَاَلَّتِي فِيهَا أَمْتِعَتُهَا لِزَوْجِهَا جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعْنًى فَصَحَّتْ الْهِبَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>