فَلَا يَصِحُّ الْعِوَضُ أَيْضًا وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ رَدُّ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الصَّغِيرِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ تَكُونُ فِيمَا إذَا وَهَبَ الصَّغِيرُ مَالَهُ. أَمَّا لَوْ أَحْضَرَ الصَّغِيرُ لِأَحَدٍ هَدِيَّةً وَقَالَ لَهُ أَرْسَلَنِي أَبِي بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ لَك فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ تَنَاوُلُ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ مَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ) .
لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ هِبَةُ مَالِ الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) .
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَبُو الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ أَوَالْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ لِأَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا دُنْيَوِيًّا (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
كَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّبَنَ الرَّائِبَ الَّذِي أَهْدَاهُ أَحَدٌ لِآخَرَ مِنْ صُنْعِ لَبَنِ بَقَرَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَلَا يَكُونُ الْأَبُ الْمَذْكُورُ قَدْ مَلَكَ اللَّبَنَ بِصُنْعِهِ إيَّاهُ رَائِبًا (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَا لِأَبِيهِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ ذَاتِهِ وَأَبْرَأهُ مِنْ عَامَّةِ الدَّعَاوَى فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلِلصَّغِيرِ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَهَبَهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ قَدْ لَزِمَ بِعَقْدِهِ فَهَذِهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ صَحِيحَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ لِلصَّغِيرِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَالْحُكْمُ فِي هِبَةِ الْمُتَوَلِّي وَإِبْرَائِهِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٨٥) .
أَمَّا كَوْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ صَحِيحَةٌ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ مُرَبِّيهِ عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٥٢) أَوْ بِقَبْضِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٥٣) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٦٩) ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ لِلصَّغِيرِ يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ أَيْ نَافِعٌ لِلصَّغِيرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَيُّ ضَرَرٍ لَهُ فَيَصِحُّ فِيهِ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي أَهْلِيَّةُ الصَّغِيرِ الْقَاصِرَةُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَالْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ كَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ آنِفًا فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُعْطِيَ عِوَضًا فِي مُقَابِلِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّغِيرِ وَأَعْطَى وَلِيُّ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ شَيْئًا عِوَضًا لِلْوَاهِبِ وَلَوْ جُزْئِيًّا لِمَنْعِ رُجُوعِهِ فَلَا يَصِحُّ أَيْ بَاطِلٌ وَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْهِبَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) .
وَعَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِقِيمَتِهِ لِإِسْقَاطِ حَقِّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ عَنْ الْهِبَةِ.
وَقَوْلُهُ لِهَؤُلَاءِ احْتِرَازٌ عَنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَمْلًا يَعْنِي جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً. مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِلْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ زَوْجِهِ مَالًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ مَعًا أَوْ لِإِنْسَانٍ وَحَائِطٍ مَعًا فَتَكُونُ الْهِبَةُ كُلُّهَا لِلْحَيِّ أَوْ لِلْإِنْسَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ إذَا وَقَعَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَلِمَنْ لَا يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْإِيجَابُ