عَوْلِ مِلْكٍ قَدِيمٍ. فَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ مُبْتَدَأَةً لَتَوَقَّفَ عَلَى الْقَبْضِ.
ثَالِثًا - إذَا رَجَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّهُ فَلِلْوَاهِبِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ رُجُوعُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ هِبَةً جَدِيدَةً لَمَا كَانَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٨) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .
الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هُوَ فَسْخٌ يَبْتَدِئُ اعْتِبَارًا مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِفَسْخِ الْهِبَةِ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَنِ وَلَيْسَ فَسْخًا لِلْهِبَةِ مِنْ وَقْتِ الْهِبَةِ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ يَبْقَى فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ زَمَنِ هِبَةِ الْوَاهِبِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ وَيَخْرُجَ الْمَوْهُوبُ مِنْ مِلْكِهِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ.
وَالْحَاصِلُ - أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَيْسَ فَسْخًا لِمَا سَبَقَ بَلْ هُوَ فَسْخٌ لِلْآتِي.
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فَسْخًا لِمَا سَبَقَ:
١ - وَإِنْ عَادَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْفَسْخِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْقَدِيمِ فَعَلَيْهِ تَبْقَى الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَبَعْدَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ كَأَصْلِ الْمَوْهُوبِ مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَ الْوَاهِبُ عَنْ هِبَتِهِ فَالْمُهْرُ يَبْقَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦٩) .
٢ - لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُجَاوِرٌ لِدَارٍ وُهِبَتْ وَسُلِّمَتْ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ الْوَاهِبُ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ مِلْكُهُ فِيمَا مَضَى وَجُعِلَ كَأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .
وَالرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لِلْآتِي وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِهَا لَيْسَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
١ - لَا يَلْزَمُ قَبْضُ الْوَاهِبِ لِتَمَامِ هَذَا الْفَسْخِ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ ٢ - لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا لَهُ قَابِلًا الْقِسْمَةَ كَامِلًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ عَنْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُ فَهَذَا الرُّجُوعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ كَانَ هِبَةُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ الْمَالِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ غَيْرَ جَائِزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
٣ - لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ إلَى بَائِعِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَنْ هِبَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِالرِّضَاءِ أَمْ الْقَضَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ مُطَّلِعٍ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَالْحَالُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَكَانَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ حَسَبُ، حُكْمِ الْمَادَّةِ (٩٨) أَنَّ تَبَدُّلَ سَبَبِ الْمِلْكِ يَقُومُ مَقَامَ تَبَدُّلِ الْمِلْكِ (الدُّرَرُ) .