هُنَا الْقَيْدُ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّ إذْنَ الشَّرْعِ فِي حُكْمِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ.
وَإِذَا عُمِّمَ الْإِذْنُ الْوَاقِعُ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى الْإِذْنِ حَقِيقَةً وَالْإِذْنِ حُكْمًا فَيُسْتَفَادُ مَعْنَى هَذَا الْقَيْدِ مِنْ التَّعْرِيفِ أَيْضًا.
فَلِذَلِكَ الْأَخْذُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لَيْسَ بِغَصْبٍ لِحُصُولِهَا بِإِذْنِ الشَّرْعِ.
أَوَّلًا، إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا فَلَهُ أَخْذُ مَالِ وَلَدِهِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ فَلَا يَكُونُ الْأَبُ غَاصِبًا بِهَذَا الْأَخْذِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا وَأَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْفَيْضِيَّةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩ ٧٩) .
ثَانِيًا، إذَا ظَفِرَ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدْيُونِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمَالِ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَلَا يُعَدُّ الدَّائِنُ بِأَخْذِهِ هَذَا غَاصِبًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَدْيُونُ مُقِرًّا أَمْ مُنْكِرًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ أَمْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى إنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ اسْتَرَدَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدَّائِنِ جَبْرًا كَانَ غَاصِبًا.
لَكِنْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُ مَالِ الْمَدْيُونِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ بِلَا إذْنِهِ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ لِلدَّائِنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَيْنًا فَأَخَذَ فَرَسًا لِلْمَدْيُونِ تُسَاوِي قِيمَةَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِلَا إذْنِهِ كَانَ غَاصِبًا إلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ بِلَا إذْنِ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ عَشْرَةَ الدَّنَانِيرَ دَرَاهِمَ أَيْ فِضِّيَّةً بِقِيمَتِهَا اسْتِحْسَانًا كَمَا أَنَّ لَهُ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ فِي مُقَابِلِ الدَّرَاهِمِ وَاجْتِهَادُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (الْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .
ثَالِثًا، إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فَأَخَذَ شَخْصٌ مِنْ الْمَدْيُونِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا إلَى الدَّائِنِ بِقَصْدِ الْمُسَاعَدَةِ لَهُ فَلِكَوْنِ الْآخِذِ مُعِينًا عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ غَاصِبًا وَضَامِنًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ (الْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْخَانِيَّةُ) .
رَابِعًا، مَنْ تُوُفِّيَ مَدْيُونًا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِأَحَدٍ فَلَوْ أَخَذَ دَائِنُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ شَخْصٍ مَدْيُونٍ فَلِلْمُتَوَفَّى بِمِثْلِهَا يَقْصِدُ اسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ.
وَمَا أَخَذَهُ مَضْمُونٌ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ بِالدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) .
٣ - بِدُونِ إذْنِهِ: وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِذْنِ الْمَنْفِيِّ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً يَعْنِي يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ أَذِنَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِأَخْذِ الْمَالِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ.
لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَكُونُ مُبْطَلَةً مَا لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ يَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ أَوَّلًا، الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ اللَّتَانِ تُؤْخَذَانِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ الصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ عَنْ الْمَالِ الْمَنْقُولِ الْمُتَقَوِّمِ الْمُحْتَرَمِ فَهُوَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَكَذَا أَخْذُ الرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ، وَالْمَبِيعِ، وَالْمَأْجُورِ، وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَمَالِ الشَّرِكَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُسْتَنِدٌ إلَى عَقْدٍ مَشْرُوعٍ.
ثَانِيًا - وَمَا يُؤْخَذُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ دَلَالَةً فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ يَخْرُجُ أَيْضًا مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ