كَانَ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَمْرِ.
لَكِنْ إذَا تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ الضَّمَانَ لَازِمٌ لِتَصَرُّفِهِ بِلَا إذْنٍ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْأَمْرِ وَالْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ حَيْثُ إنَّ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِذْنِهَا وَيَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ لِلدَّفْعِ.
مَثَلًا: لَوْ تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ أَنْ أَقْرَضَ نَقُودَهَا لِآخَرَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ قَائِلِينَ إنَّك تَصَرَّفْت وَأَقْرَضْت بِلَا إذْنٍ فَأَنْتَ ضَامِنٌ وَادَّعَى الزَّوْجُ قَائِلًا إنِّي تَصَرَّفْت بِإِذْنِ زَوْجَتِي فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ وَظَاهِرُ الْحَالِ يَكْفِي لِلدَّفْعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
٤ - الْمُتَقَوِّمُ: وَهُوَ الْمَالُ الْمُحْرَزُ الَّذِي يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فَيَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي كَالْعُشْبِ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ وَالْأَشْجَارُ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَمَا لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْمُسْلِمِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْعُشْبَ النَّابِتَ بِنَفْسِهِ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْعُشْبَ الْمَذْكُورَ مُبَاحٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٥٧ ١) .
فَلِذَلِكَ لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ خَمْرَ مُسْلِمٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهُ.
حَتَّى لَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ لِإِرَاقَةِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَكَانَ لَا تُمْكِنُ إرَاقَتُهُ بِدُونِ كَسْرِ الْإِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْإِنَاءِ لَكِنْ إذَا كَانَتْ إرَاقَتُهُ مُمْكِنَةً بِلَا كَسْرِ الظَّرْفِ يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ الضَّمَانُ.
وَأَمَّا إتْلَافُ خَمْرِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ يُتَقَوَّمُ فِي الشَّرِيعَةِ الْعِيسَوِيَّةِ. وَكَمَا أَنَّ الْخَمْرَ كَانَ مُتَقَوِّمًا فِي الشَّرَائِعِ الْأُولَى فَقَدْ كَانَ فِي أَوَائِلِ ظُهُورِ شَرِيعَتِنَا مُتَقَوِّمًا أَيْضًا ثُمَّ أَفْسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ تَقَوُّمَهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) أَيْ أَنَّهُ حُرِّمَ مُؤَخَّرًا بِآيَةِ {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠] وَعَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ غَيْرُ مُسْلِمٍ خَمْرَ غَيْرِ مُسْلِمٍ لَزِمَهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ لَكِنْ إذَا أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَشْتَرِي الْخَمْرَ وَلَا يَتَمَلَّكُهَا حَتَّى يُمْكِنَهُ إعْطَاؤُهَا (الْكِفَايَةُ بِتَصَرُّفِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١ ١ ٢) .
وَالْحُكْمُ فِي الْخِنْزِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْلِمِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
٥ - مُحْتَرَمٌ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُحَرَّمُ وَيُمْنَعُ أَخْذُهُ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ. وَبِهَذَا يَخْرُجُ مَالُ الْحَرْبِيِّ أَيْ إذَا حَارَبَتْ جُنُودُ الْمُسْلِمِينَ جُنُودَ الْعَدُوِّ فَتَمَّتْ لَهَا الْغَلَبَةُ عَلَيْهِ وَافْتَتَحَتْ بِلَادَهُ فَبِمَا أَنَّ أَخْذَ مَا يَقَعُ فِي الْيَدِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْغَنَائِمِ فِي الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ جَائِزٌ فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ غَصْبًا؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مُحْتَرَمَةً (الْعِنَايَةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) .
٦ - الْمَالُ: يَخْرُجُ بِذَلِكَ أَخْذُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ. وَلَا يَكُونُ أَخْذُ ذَلِكَ غَصْبًا.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: