للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمُهْرِ مُتَوَلِّدًا مِنْ فَرَسِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مِلْكُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٠٨٤) فَيَدُ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ تَكُونُ إثْبَاتَ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ وَيَكُونُ فِي تَبْعِيدِ الْمَالِكِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ وَأَبْعَدَهُ عَنْ دَابَّتِهِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَزَالَ يَدَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْمُحَقَّةِ عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ الْمُبْطَلَةَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَسَاسِهِ إيَّاهَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

تَوْفِيقُ الِاخْتِلَافِ:

وَقَدْ وَفَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَالزَّاهِدِيِّ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ فَقَالَ: إنَّ الْغَصْبَ قِسْمَانِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْغَصْبُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ وَإِعَادَةِ الْبَدَلِ.

وَإِزَالَةُ الْيَدِ فِي هَذَا شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ الْقِسْمُ الثَّانِي الْغَصْبُ الْمُسْتَلْزِمُ الرَّدَّ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ فِي هَذَا شَرْطٌ كَغَصْبِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا يَسْتَلْزِمُ الرَّدَّ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْقُهُسْتَانِيُّ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) .

بِمَا أَنَّهُ قَدْ صَارَ إيضَاحُ اثْنَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ الَّتِي تُلَاحَظُ فِي الْغَصْبِ فَقَدْ جَاءَ الْآنَ الدَّوْرُ لِشَرْحِ الثَّالِثِ.

لَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ يَعْنِي بِدُونِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

أَمَّا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ اعْتَبَرُوا إثْبَاتَ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ وَقَالُوا بِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ بِذَلِكَ فَعَلَى ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ بَلْ يَكْفِي إثْبَاتُ يَدِ الْعُدْوَانِ.

ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ (الْكِفَايَةُ) فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣ ٩) فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ مَثَلًا، إنَّ وَلَدَ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَوْجُودِ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَإِثْمَارَ الْبُسْتَانِ الْمَغْصُوبِ الَّتِي تَحْصُلُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَيْسَتْ بِمَغْصُوبَةٍ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ ثَابِتَةً عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَمْ يُزِلْ الْغَاصِبُ يَدَ الْمِلْكِ عَنْهَا. أَمَّا عِنْدَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَةِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً وَلَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَثْبَت عَلَيْهَا يَدًا مُبْطَلَةً (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَتَلِفَتْ بَعْدَ الْمَنْعِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَسْلِيمِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ لَزِمَ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ جُلُوسُ شَخْصٍ بِلَا إذْنٍ عَلَى فِرَاشٍ فَرَشَهُ الْمَالِكُ أَوْ النَّوْمُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِغَصْبٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ ذَلِكَ الْفِرَاشُ بِدُونِ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْبَسْطَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْمَالِ وَتَبْقَى يَدُ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَيْهِ مَا دَامَ أَثَرُ فِعْلِهِ مَوْجُودًا فِي الْمَالِ فَلَا يَكُونُ بِالنَّوْمِ عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَ الْمَالَ أَيْ لَا تَكُونُ أُزِيلَتْ عَنْهُ الْيَدُ الْمُحَقَّةُ أَمَّا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ قَالُوا بِالْغَصْبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَتَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْغَصْبِ الْأَسْئِلَةُ الْآتِيَةُ وَيُجَابُ عَلَيْهَا.

السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ فَيَكُونُ تَعْرِيفُ الْغَصْبِ أَيْ كَوْنُ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ عَلَيْهِ لِلضَّمَانِ مُزَيَّفًا (الْعَيْنِيُّ) وَنَذْكُرُ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يَلِي: أَوَّلًا، غَاصِبُ الْغَاصِبِ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُزِيلُ الْيَدَ الْمُحَقَّةَ أَيْ يَدَ الْمَالِكِ بَلْ يُزِيلُ الْيَدَ الَّتِي أَزَالَتْ يَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>