للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَافَاتُهُمَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ رَدِّهِ إيَّاهُ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا إلَيْهِ وَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّ تَلَفَهَا نَاشِئٌ عَنْ رُكُوبِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ.

كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا وَأَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ هَدَمَهَا وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ سَالِمَةً تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّارِ.

كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ شُهُودُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ قَتَلَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَشَهِدَتْ شُهُودُ الْغَاصِبِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَعَادَهَا وَرَدَّهَا لِصَاحِبِهَا سَالِمَةً رَجَحَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَهَدْمَ الدَّارِ يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الرَّدِّ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْغَاصِبَ رَدَّهَا ثُمَّ هَدَمَ الدَّارَ وَقَتَلَ الدَّابَّةَ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ سَبَبًا حَادِثًا لِلضَّمَانِ.

لَكِنْ تُرَجَّحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا بَيَّنَتْ الرَّدَّ الْعَارِضِيَّ وَالْبَيِّنَةُ هِيَ لِلْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ)

. الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ وَيَخْتَلِفُ فِيهَا الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ وَالْمَغْصُوبُ الْعَقَارُ:

الْمَغْصُوبُ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَنْقُولُ وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: الْعَقَارُ كَالرَّحَى وَالدُّكَّانِ وَالدَّارِ.

وَحُكْمُ هَذَا يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مُتَّحِدَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ هُوَ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَلُزُومُ ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ، فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ فَلَوْ غَصَبَ طَاحُونَتَهُ أَوْ دُكَّانَهُ أَوْ حَائِطَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَيَلْزَمُ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْفَرَسَ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ فَيَضْمَنُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ تِلْكَ الطَّاحُونَةَ أَوْ الدُّكَّانَ أَوْ الدَّارَ ضَمِنَ بِنَاءً إلَى الْمَادَّةِ (٩١٨) .

وَيَفْتَرِقُ نَوْعَا الْمَغْصُوبِ هَذَانِ فِي حُكْمٍ آخَرَ، فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ فِي الْمَرْعَى فَأَخَذَهُ السَّيْلُ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ. بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٩١) .

أَمَّا لَوْ تَلِفَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ الطَّاحُونَةُ بِزِلْزَالٍ أَوْ عَاصِفَةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَجَرَفَ الْبِنَاءَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي (الْبَزَّازِيَّةُ) .

وَلَوْ صَادَفَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فِي بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَ فِيهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَمَعَهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ وَكَانَ أَوَّلًا يَحْتَاجُ الْمَغْصُوبُ إلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَنَفَقَاتِ الْحَمْلِ ثَانِيًا قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا عِنْدَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ مَالَهُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُزُومُ التَّسْلِيمِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ مِنْ حُقُوقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَقَطْ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِذَا طَلَبَ تَسْلِيمَهُ هَكَذَا إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَنَفَقَاتُ النَّقْلِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٩٤) يَلْزَمُ رَدُّ وَإِعَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>