فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ضَمَانُهَا إلَّا أَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا وَلَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْمَالِ الْمَخْلُوطِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمَا (الْجَوْهَرَةُ) وَذَلِكَ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٨) كَذَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ أَخْشَابَ آخَرَ أَوْ آجَرَهُ أَوْ لَبِنَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَبْنِيَتِهِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا مُجَرَّدُ ذَبْحِ الْغَاصِبِ لِلشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ ذَبْحِهِ وَسَلْخِهِ وَتَقْطِيعِهِ إيَّاهَا بِدُونِ طَبْخٍ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا فَيَدْخُلُ فِي الْمَادَّةِ (٩٧١) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كُلَّ قِيمَتِهَا وَتَرَكَهَا لَهُ مُقَطَّعَةً مَذْبُوحَةً وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مُقَطَّعَةً وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ الْخَانِيَّةُ) وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي خَاتِمَةِ الْكِتَابِ ثَانِيهَا وَاسْتِهْلَاكٌ مِنْ وَجْهٍ وَيَكُونُ هَذَا بِتَفْوِيتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَتَمْزِيقِ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبِ أَوْ ذَبْحِ الشَّاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا لَوْ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ مَزَّقَ أَحَدٌ جُبَّةَ آخَرَ وَأَصْبَحَتْ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَبْقَى جُبَّةً لَهُ فَقَدْ فَاتَ بَعْضُ مَنَافِعِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَ مَنَافِعِهَا لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا لِكَوْنِهَا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ جُبَّةً لِصَغِيرٍ أَوْ لِشَخْصٍ قَصِيرِ الْقَامَةِ أَوْ أَنْ تَكُونَ لِبَاسًا آخَرَ كَذَلِكَ إذَا ذُبِحَتْ الشَّاةُ كَمَا أَنَّهُ تَفُوتُ بَعْضُ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ تَبْقَى بَعْضُ مَنَافِعِهَا الْأُخْرَى كَاللَّحْمِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ حُكْم الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ وَجْهٍ فِي الْمَادَّةِ (٩٠٠) وَهُنَاكَ غَيْر الِاسْتِهْلَاكُ النُّقْصَانُ وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِيبِهِ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعِهِ كَتَفْوِيتِ جَوْدَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَسَيُفَصَّلُ حُكْمُ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠٠) ٢ - الْغَاصِبُ: هَذَا التَّعْبِيرُ أَيْ لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ احْتِرَازِيٌّ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى حَارِسِ مَحِلِّ الْغَاصِبِ وَمُحَافِظِهِ أَوْ عَلَى الْآمِرِ بِالْغَصْبِ مِثَالٌ لِلْمُحَافَظَةِ: لَوْ نَزَلَ أَحَدٌ فِي قَرْيَةٍ ضَيْفًا فَغَصَبَ أَحَدُ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ بَعْضَ أَمْوَالِ ذَلِكَ الضَّيْفِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَطْلُبَ أَمْوَالَهُ الْمَغْصُوبَةَ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُحَافِظِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُحَافِظًا فِيهَا (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٩) مِثَالٌ لِلْآمِرِ: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ شَخْصٍ آخَرَ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٥) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ أَعْطَاهُ لِآمِرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ تَلَفَ فِي يَدِ الْآخِذِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْآخِذُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ حِينَئِذٍ (الْبَهْجَةُ وَأَبُو السُّعُودِ، وَالْعِمَادِيُّ) وَغَيْرُ احْتِرَازِيٍّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ وَسَلَّمَهُ وَتَلَفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ إيَّاهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِذَلِكَ الْآخَرِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (٩١٠) (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ آخَرُ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا يُصْبِحُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَيَكُونُ الْمُتْلِفُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute