للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْسَامُ الرَّدِّ: الرَّدُّ قِسْمَانِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الرَّدُّ الْحَقِيقِيُّ وَيَحْصُلُ هَذَا بِإِعْطَاءِ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِصَاحِبِهِ وَقَبْضِهِ إيَّاهُ. وَالرَّدُّ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، هُوَ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الرَّدِّ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الرَّدُّ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ الرَّدُّ الْمُبَيَّنُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (٨٩٣) وَالْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَوْقَعَ صَاحِبُ الْمَالِ فِعْلًا فِي الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَكَانَ إيقَاعُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَجْعَلُهُ غَاصِبًا فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ قَابِضًا لِمَالِهِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يَجْهَلُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَ يَدِ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى مَالِهِ يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

مَثَلًا لَوْ رَكِبَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْحَيَوَانِ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ ذَهَبَ إلَى دَارِ الْغَاصِبِ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ الْمَغْصُوبَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَرِئَ الْغَاصِبُ. سَوَاءٌ أَوْقَعَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَالُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ. لِأَنَّ الْحُكْمَ يُبْنَى عَلَى السَّبَبِ وَلَيْسَ عَلَى الْعِلْمِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِهِ بِالرُّكُوبِ أَوْ اللِّبْسِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَكُونُ قَدْ ارْتَفَعَتْ يَدُ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ وَزَالَ الضَّمَانُ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ اسْتَعَارَ وَارِثُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا بَعْدَ وَفَاةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ لِعَمَلٍ مَا وَبَاشَرَ الْغَاصِبُ بِالْقِيَامِ فِي الْعَمَلِ فَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ قَابِضٌ بِصِفَتِهِ مُسْتَأْجِرًا بِسَبَبِ وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُعَدُّ الْغَاصِبُ قَدْ قَبَضَ الْمَأْجُورَ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَصْبِ هُوَ أَعْلَى وَقَبْضَ الْإِجَارَةِ أَدْنَى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢ ٢٦) فَعَلَيْهِ لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ ضَمَانُ الْغَصْبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الَّتِي غَصَبَهَا مِنْ مَالِكِهَا وَكَانَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ مُقْتَدِرًا عَلَى السُّكْنَى يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفَانِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ عِنْدَهُمَا حِينَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . ٧ - اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا: لَوْ أَوْقَعَ صَاحِبُ الْمَالِ فِعْلًا فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَوْ أَوْقَعَهُ أَحَدٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ عُدَّ غَاصِبًا فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ بِفِعْلِهِ هَذَا قَابِضًا لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَمَا ذَكَرْت أَمْثِلَتَهُ آنِفًا. ٨ - أَوْ كَانَ الْغَاصِبُ وَارِثًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا: إذَا كَانَ الْغَاصِبُ وَارِثًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. مَثَلًا لَوْ سَرَقَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ أَبِيهِ وَتُوُفِّيَ أَبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ وَارِثًا لَهُ حَصْرًا فَلَا يُؤَاخَذُ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>