الْأَنْقَاضِ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مَبْنِيًّا وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ الْبَاقِيَةَ وَأَخَذَ هُوَ الْأَنْقَاضَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ؛ إذْ إنَّ الْأَنْقَاضَ مَوْجُودَةٌ، وَهَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِعَدَمِ بَقَاءِ صُورَةِ الْبِنَاءِ التَّأْلِيفِيَّةِ فَعَلَيْهِ: إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ذَهَبَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ذَهَبَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (التَّنْقِيحُ) .
أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ أَنْقَاضَ الْعَقَارِ فَلَا يَبْقَى لَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَيَتَعَيَّنُ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَكِنْ إذَا بَنَاهُ الْغَاصِبُ كَالْأَوَّلِ يَعْنِي: عَلَى الْحَالِ الْأُولَى أَوْ خَيْرًا مِنْ الْأُولَى؛ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ بَنَاهُ بِأَنْقَاضِهِ أَوْ بِمَوَادَّ أُخْرَى أَمَّا إذَا لَمْ يُنْشِئْهُ كَالْأُولَى أَوْ خَيْرًا مِنْ الْأُولَى بَلْ بَنَاهُ عَلَى صُورَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ الْحَالِ الْأُولَى فَلَا يَبْرَأُ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ وَتَصَالَحَا فِيهَا وَإِلَّا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مَبْنِيًّا وَيَهْدِمُ الْبِنَاءَ الْجَدِيدَ وَيَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ (الشَّارِحُ) .
إيضَاحُ هَدْمِ الْجِدَارِ: إذَا هَدَمَ أَحَدٌ حَائِطًا لِآخَرَ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ كَالْحَالِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَجَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) لَوْ كَانَ فِي الْجِدَارِ تَصَاوِيرُ مَصْبُوغَةٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجِدَارِ وَالصَّبْغِ لَا التَّصَاوِيرِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ إذَا كَانَتْ لِذِي رُوحٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُعَيَّنُ النُّقْصَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي.
تُقَوَّمُ الدَّارُ مَرَّةً مَعَ هَذَا الْجِدَارِ وَتُقَوَّمُ أُخْرَى بِدُونِهِ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ النُّقْصَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْهَدْمِ بِحَقٍّ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِالْهَدْمِ بِحَقٍّ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَنْشَأَ الْغَاصِبُ عَلَى الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَبْنِيَةً فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَلْعُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠٦) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارَ الْآخَرِ لِإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
الْمَسَائِلُ الَّتِي يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى إنْشَاءِ الْعَقَارِ الْمَهْدُومِ كَالْحَالِ الْأُولَى.
لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارًا لِوَقْفٍ وَكَانَتْ إعَادَتُهُ إلَى حَالِهِ السَّابِقَةِ مُمْكِنَةً فَيُعَادُ بِنَاؤُهُ كَمَا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ مَنَارَةَ مَسْجِدٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ حَائِطًا أَوْ جَمِيعَ الْمَسْجِدِ وَاسْتَهْلَكَ الْأَنْقَاضَ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُلْزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِإِنْشَاءِ الْمَنَارَةِ أَوْ الْحَائِطِ أَوْ الْمَسْجِدِ كَالْأَوَّلِ (الْبَهْجَةُ، وَجَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ، وَالْوَاقِعَاتُ) .
كَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ الْمُؤَجَّرَةَ لَهُ وَجَعَلَ فِيهَا تَنُّورًا أَوْ طَاحُونَةً يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهَا أَزْيَدَ وَهِيَ تَنُّورٌ أَوْ طَاحُونَةٌ تَبْقَى لِلْوَقْفِ وَتُؤْخَذُ أُجْرَتُهَا وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُتَبَرِّعًا بِمَا صَرَفَهُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَزْيَدَ يُحْكَمُ بِإِعَادَتِهَا إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ وَهَدْمِهَا وَيُعَزَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّازِمِ.
وَحُكْمُ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي غَيْرِهِ ثَابِتٌ.
وَالْفَرْقُ - كَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ - أَنَّ الْإِفْتَاءَ يَكُونُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ إعَادَتَهُ إلَى حَالِهِ الْأُولَى أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ مِنْ الْبَدَلِ.
كَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي بِئْرِ آخَرَ نَجَاسَةً فَلَا يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا وَيَضْمَنُ نُقْصَانَهَا.
أَمَّا لَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي الْبِئْرِ الَّتِي لِلْعَامَّةِ فَيُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا؛ لِأَنَّ لِلْهَادِمِ نَصِيبًا فِي الْعَامَّةِ وَيَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُ نَصِيبِ غَيْرِهِ عَنْ نَصِيبِهِ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْخَاصَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .