للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ أَوْ عُزِلَ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلتَّقَدُّمِ، تَجْدِيدُ التَّقَدُّمِ بَعْدَ بُطْلَانِهِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ عَلَى طُولِهِ تَكْرَارًا بَعْدَ بُطْلَانِ التَّقَدُّمِ بِأَخْذِ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ تَكْرَارًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ لِلْمُتَوَلِّي اللَّاحِقِ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا؛ لَزِمَ الضَّمَانُ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .

الشَّرْطُ السَّادِسُ: كَوْنُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ التَّقَدُّمِ.

هَذَا الشَّرْطُ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: وَتَخْتَلِفُ أَصْحَابُ حَقِّ التَّقَدُّمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّرَرِ الَّذِي يُورِثُهُ ذَلِكَ الْحَائِطُ.

وَيَكُونُ الْحَائِطُ مَائِلًا إمَّا إلَى دَارِ أَحَدٍ أَوْ إلَى طَرِيقٍ عَامٍّ أَوْ طَرِيقٍ خَاصٍّ.

وَعَلَيْهِ إذَا انْهَدَمَ عَلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ دُكَّانِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ تِلْكَ الدُّكَّانِ.

وَيَدُلُّ تَعْبِيرٌ مِنْ سُكَّانِهَا عَلَى أَنَّ لِلسَّاكِنِ فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ التَّقَدُّمَ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبَهَا أَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرًا يَجُوزُ لَهُ التَّقَدُّمُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْحَادِثَ بِالِانْهِدَامِ عَائِدٌ وَرَاجِعٌ إلَيْهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

وَإِذَا تَعَدَّدَ سُكَّانُهَا فَكَمَا أَنْ تَنْهَدِمَ جُمْلَةً صَحِيحٌ فَتَقَدُّمُ أَحَدِهِمْ فَقَطْ صَحِيحٌ أَيْضًا.

فَعَلَيْهِ إذَا مَالَ حَائِطٌ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَانْهَدَمَ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْجَمَاعَةُ أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِصَاحِبِهِ فَأَمَرَ بِمَالِ لِتِلْكَ الْجَمَاعَةِ أَوْ بِمَالِ لِغَيْرِهِمْ كَانَ صَاحِبُهُ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

وَتَقَدَّمَ أَحَدٌ مِنْ الْخَارِجِ وَتَبَيَّنَ غَيْرُ مُفِيدٍ يَعْنِي: لَيْسَ لِلْجَارِ حَقُّ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَائِطِ بِتَقَدُّمِ أَحَدٍ مِنْ الْخَارِجِ.

وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ حِمْلٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْآخَرِ حِمْلٌ وَمَالَ الْحَائِطُ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَيْسَ لِصَاحِبِهِ حِمْلٌ عَلَى الْحَائِطِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الشَّرِيكُ إلَى صَاحِبِ الْحِمْلِ وَنَبَّهَهُ كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِلْمُتَقَدِّمِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحُمُولَةِ نِصْفَ الضَّرَرِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَالْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) .

وَإِذَا هُدِمَ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.

وَيَكْفِي التَّقَدُّمُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَوْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمْ لَكَفَى.

وَإِذَا انْهَدَمَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ التَّقَدُّمِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَاقِلًا بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا مَأْذُونًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ.

(رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَانِيَّةُ) وَتَقَدُّمُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا.

مَثَلًا: إذَا كَانَ حَائِطُ أَحَدٍ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى مِلْكٍ لِآخَرَ وَلَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلَا مَخُوفًا وَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ ثُمَّ انْهَدَمَ بَعْدَئِذٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

اجْتِمَاعُ ضَرَرَيْنِ: قَدْ يَجْتَمِعُ ضَرَرَانِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ الِانْهِدَامِ. مَثَلًا: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحَائِطِ الْوَاحِدِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَبَعْضُهُ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ.

وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ انْهَدَمَ الْقِسْمُ الْمَائِلُ إلَى الدَّارِ عَلَيْهَا فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَائِطَ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَدَ الْعَامَّةِ فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ مُتَقَدِّمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>