الثَّامِنَ عَشَرَ: لَوْ جَمَحَ الْحَيَوَانُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ كَبْحَهُ بِاللِّجَامِ فَأَتْلَفَ شَخْصًا فَلَا يَلْزَمُ رَاكِبَهُ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ إلَى زَرْعِ آخَرَ وَأَدْخَلَهُ فِيهِ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ ضَمِنَ لَكِنْ لَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ وَدَخَلَ الْحَيَوَانُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَوْ يَتْبَعَهُ وَمِنْ دُونِ أَنْ يَعْطِفَ الْحَيَوَانُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا زَرْعَ آخَرَ وَأَفْسَدَهُ لَزِمَ الضَّمَانُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ آخَرُ (الْخَانِيَّةُ) .
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٣٥) كَذَلِكَ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ غَنَمَهُ وَأَدْخَلَهَا فِي كُرُومٍ لِآخَرَ وَأَطْعَمَهَا عِنَبَهَا فَكَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ فَلَوْ اقْتَرَبَ بِهَا إلَى حَيْثُ يُمْكِنُهَا أَكْلُهَا إنْ شَاءَتْ وَأَكَلَتْهُ الْغَنَمُ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ تَارَةً مَعَ الزَّرْعِ النَّابِتِ وَأُخْرَى بِدُونِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حِصَّةُ الزَّرْعِ الْمُتْلَفِ وَيَضْمَنُهُ الرَّاعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) لَكِنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِلَيْكَهَا: أَوَّلًا: إذَا رَأَى صَاحِبُ الْحَيَوَانِ حَيَوَانَهُ بَيْنَمَا كَانَ يَسْتَهْلِكُ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَوَانِ يُنْسَبُ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا أَنَّ نَفْعَهُ يَعُودُ إلَيْهِ، وَعَدَمُ مَنْعِهِ الْحَيَوَانَ مِنْ ذَلِكَ، مَعَ إمْكَانِ الْمَنْعِ مِمَّا يُقَوِّي عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْحَيَوَانُ قِسْمًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ صَاحِبُهُ وَاسْتَهْلَكَ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ مِنْهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ هَذَا الْبَاقِي فَقَطْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (الشَّارِحُ) قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ لُزُومُ الضَّمَانِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ رَأَى الْحَيَوَانَ غَيْرُ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَلَا يَلْزَمُ الرَّائِي ضَمَانٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ مَنْفَعَةَ أَكْلِ الْحَيَوَانِ لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَى صَاحِبِهِ يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ أَمَّا مَنْفَعَتُهُ مَا يَأْكُلُهُ حَيَوَانُ أَحَدٍ مَا فَبِمَا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إلَى الْغَيْرِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) ثَانِيًا: وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ الَّذِي ضَرَرُهُ مُتَعَيِّنٌ كَالثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ حَيِّهِ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ حَافِظْ عَلَى حَيَوَانِك وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ.
أَمَّا ضَرَرُهُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ فَلَا يَضْمَنُهُ (الْبَهْجَةُ) وَالضَّرَرُ الْمَقْصُودُ هُوَ الضَّرَرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى بَنِي آدَمَ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا.
أَمَّا التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ مَالٌ فَلَا يُفِيدُ: فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الضَّرَرِ الَّذِي يُوقِعُهُ الْحَيَوَانُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) وَالْحَاصِلُ، أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ مَلْحُوظًا فِيهِ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ مُفِيدٌ وَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إنْسَانٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّهُ تَلْزَمُ تَأْدِيَةُ الدِّيَةِ يَلْزَمُ تَبَعًا لِهَذَا ضَمَانُ الْأَمْوَالِ أَيْضًا.
أَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي يُلْحَظُ فِيهِ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ وَلَا مُوجِبَ لِلضَّمَانِ (التَّنْقِيحُ) مَثَلًا: لَوْ كَانَ كَلْبٌ لِأَحَدٍ اعْتَادَ أَكْلَ الْعِنَبِ فَقَالَ لَهُ الْجِيرَانُ: أَمْسِكْهُ لِئَلَّا يَأْكُلَ عِنَبنَا وَلَمْ يُمْسِكْهُ وَأَكَلَ الْعِنَبَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute