غَيْرُ صَحِيحٍ بِالِاتِّفَاقِ.
أَمَّا الْحَجْرُ بِالسَّفَهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً بِالْإِفْلَاسِ (الْكِفَايَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمَدِينِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُفْلِسًا أَيْ: كَانَ دَيْنُهُ زَائِدًا عَلَى مَالٍ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَمْ غَيْرَ مُفْلِسٍ.
وَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَمْ يُجَوِّزْ الْحَجْرَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ (تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ) وَقَدْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَجْرَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلْبِ وِلَايَةِ الْمُخْتَارِ عَنْ الْجَرْيِ عَلَى مُوجَبِ الِاخْتِيَارِ وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (٩٩٨) مَعَ الْمَوَادِّ التَّالِيَةِ لَهَا الْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحَجْرِ الْمَدِينِ.
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يُؤْثَرُ فِيهَا الْحَجْرُ لِلسَّفَهِ وَالدَّيْنِ: إنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ وَحَجْرَ الْمَدِينِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهُمَا مُنْحَصِرَانِ فِيمَا يُحْتَمَلُ فَسْخُهُ وَيَبْطُلُ بِالْهَزْلِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ.
أَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَلَا يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٩٤) .
مَثَلًا: لَوْ تَزَوَّجَ الْمَدِينُ أَوْ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِزَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَسَمَّى صَدَاقًا مُعَيَّنًا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الزَّوَاجَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى زِيَادَةً عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْفُرُوقَاتُ بَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَبَيْنَ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ: يُوجَدُ فُرُوقٌ بَيْنَ حَجْرِ السَّفِيهِ وَبَيْنَ حَجْرِ الْمَدِينِ عَلَى الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ:
أَوَّلًا: الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ يَكُونُ بِالْحَجْرِ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ أَيْ: أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَاَلَّتِي اكْتَسَبَهَا بَعْدَهُ وَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا.
وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَدِينِ يَنْحَصِرُ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٠١) وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ نَافِذًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَيْ) .
ثَانِيًا: إنَّ سَبَبَ حَجْرِ السَّفِيهِ سُوءُ اخْتِيَارِهِ مَعَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَدِينِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
ثَالِثًا: إنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ حَالَ حَجْرِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٤٤) كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَوْ الْمَالِ الْحَادِثِ مَعَ أَنَّ الْمَحْجُورَ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ فِي حَالِ حَجْرِهِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ حِينَ الْحَجْرِ وَالْأَمْوَالِ الْمُكْتَسَبَةِ بَعْدَهُ، كَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْحَادِثَةِ حَالَ حَجْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
رَابِعًا: قَدْ مَرَّ مَعَنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ الْحُكْمُ بِإِفْلَاسِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِلَا إفْلَاسٍ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ بِإِفْلَاسِهِ
(مَادَّةُ ٩٦٠) الْمَحْجُورُونَ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصَرُّفُهُمْ الْقَوْلِيُّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَّا أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ حَالًا الْخَسَارَةَ وَالضَّرَرَ اللَّذَيْنِ نَشَآ مِنْ فِعْلِهِمْ.
مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَ الصَّغِيرُ مَالَ آخَرَ لَزِمَ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ.
يُؤَاخَذُ الْمَحْجُورُونَ بِأَفْعَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَجْرِي فِي الْأَفْعَالِ.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩٤١) .