وَتَنْزِيلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، الْمِقْدَارَ الَّذِي يَجُوزُ تَنْزِيلُهُ وَحَطِّهِ عَادَةً عِنْدَ التُّجَّارِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخُصُوصَاتِ، تَكُونُ مُعْتَبَرَةً،
وَلْنُبَادِرْ فِيمَا يَلِي إلَى إيضَاحِ مَا ذُكِرَ: [١]- الْبَيْعُ: إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مَالَهُ مِنْ آخَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا أَمْ مَوْرُوثًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ (الطَّحْطَاوِيُّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ وَلَدَيْهِ الْمُمَيِّزَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي مَالًا كَانَ جَائِزًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) وَإِذَا بَاعَهُ بِمُحَابَاةٍ وَبِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَكُونُ جَائِزًا أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
وَلَوْ نَهَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ عَنْ الْبَيْعِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَ ذَلِكَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَدَلِيلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ أَنَّ رَأْيَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يَكْمُلُ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْوَلِيِّ إلَيْهِ وَيَلْحَقُ بِالْبَالِغِ وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ الْبَالِغِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ صَحِيحًا فَلِذَلِكَ كَانَ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ صَحِيحًا أَيْضًا.
أَمَّا بَيْعُ الْوَلِيِّ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ، شَرْحُ الْمَنَارِ) .
كَذَلِكَ يَقَعُ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ التِّجَارَةِ وَمَا يَقَعُ ضِمْنَ شَيْءٍ يَأْخُذُ حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ.
أَمَّا الْهِبَةُ فَلَيْسَتْ تِجَارَةً (أَبُو السُّعُودِ) .
إلَّا أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَيْسَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ التِّجَارَةِ هُوَ الِاسْتِرْبَاحِ وَالْبَيْعُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ إتْلَافٌ فَيَجْرِي مَجْرَى التَّبَرُّعِ حَتَّى إنَّهُ صَدَرَ مِنْ مَرِيضٍ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَبَيْعُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَالًا لِلصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
وَيَجْرِي فِي الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ أَيْضًا الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ الْبَيْعَ مُطْلَقًا فَيُسْتَدَلُّ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٦٤) أَنَّهَا اخْتَارَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَإِذَا وَقَعَتْ مُحَابَاةُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَتَجْرِي وَفْقًا لِلْمَسَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ اسْتِخْرَاجًا) .
اسْتِثْنَاءٌ: تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ صُحُفِ الْبَيْعِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (أَيْ: الْمُحَابَاةِ) لَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ الصَّبِيُّ مَالَهُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ أَبِيهِ؛ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ، الطَّحْطَاوِيُّ)
[٢]- الشِّرَاءُ: لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مَالًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، أَمَّا الشِّرَاءُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَالْبَيْعِ ٠ فَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِصِحَّتِهِ وَقَالَ الْإِمَامَانِ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَدْ سَاوَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي بَيْعِ الصَّبِيِّ وَشِرَائِهِ فَقَالَ بِجَوَازِهِمَا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فَجَوَّزَ بَيْعَ وَكِيلِ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَمْ يُجَوِّزْ شِرَاءَ وَكِيلِ الشِّرَاءِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَيْ: ذَهَبَ إلَى عَدَمِ نَفَاذِ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِحَقِّ الْمُوَكِّلِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي مَادَّتَيْ (١٤٨٢) و (١٤٩٤) لِأَنَّ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ وَكَالَةً، فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْحِيلَةِ، أَيْ: بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَأَرَادَ إلْزَامَ مُوَكِّلِهِ بِهِ عِنْدَمَا أُطْلِعَ عَلَى غَبْنِهِ الْفَاحِشِ، أَمَّا الْمَأْذُونُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَحَدٍ، وَلِذَا؛ فَلَيْسَ فِي تَصَرُّفِهِ تُهْمَةُ الْحِيلَةِ، فَكَانَ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي حَقِّهِ سَيُبَيَّنُ
[٣]- السَّلَمُ: يَصِيرُ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مُسْلَمًا إلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَصِيرُ بَائِعًا كَمَا يَصِيرُ رَبُّ سَلَمٍ