الْخَانِيَّةُ " وَإِقْرَارُ الصَّغِيرِ بِالْغَصْبِ جَائِزٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ ضَمَانُ تِجَارَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ (أَبُو السُّعُودِ، الطُّورِيُّ) ، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ غَصْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجَدُ فِي التِّجَارَةِ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا فِي جَمِيعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ فَيُقَدَّمُ وَمَا زَادَ عَنْهُ يُعْطَى لِأَصْحَابِ تِلْكَ الدُّيُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٠٢) وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ كَانَ دَيْنُ الْمَرَضِ أُسْوَةً بِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَأَبُو السُّعُودِ) .
وَكَذَلِكَ يَنْفُذُ إقْرَارُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ تَشْخِيصٌ بِأَمْوَالِهِ الَّتِي وَرِثَهَا عَنْ مُورِثِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنَ الْمُقَرِّ بِهِ مَوْرُوثًا لَهُ وَعَدَمُ وُجُودِ مَالٍ مُكْتَسَبٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالضِّمَامِ رَأْيُ الْوَلِيِّ قَدْ أُلْحِقَ الصَّغِيرُ بِالْبَالِغِ وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمُكْتَسَبَ وَالْمَوْرُوثَ هُوَ مَالُهُ فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي جَمِيعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُرْوَى عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَرِثَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي مَالِهِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ بِخِلَافِ مَالِ الْمَوْرُوثِ؛ إذْ لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: إقْرَارُهُ الْوَاقِعُ مُضَافًا إلَى حَالِ حَجْرِهِ، مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ بِأَنَّهُ غَصَبَ مَالَ فُلَانٍ حَالَ حَجْرِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْقَرْضَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ أَوْ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ أَوْ الْمُضَارَبَةَ أَوْ الْبِضَاعَةَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ عَلَى ذَلِكَ؟ يَحْتَاجُ هَذَا إلَى تَفْصِيلٍ، يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى إضَافَتِهِ إلَى حَالِ الْحَجْرِ أَمْ لَمْ يُصَدِّقْ أَمْ قَالَ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ فِي حَالِ الْمَأْذُونِيَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦٠) أَمَّا إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِضَافَةَ أَيْ: صَدَّقَ وُقُوعَ الِاسْتِهْلَاكِ فِي حَالِ الْحَجْرِ فَلَا يُؤَاخَذُ، أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِضَافَةَ أَيْ: حُصُولَ الِاسْتِهْلَاكِ فِي حَالِ الْحَجْرِ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ وَادَّعَى أَنَّ وُقُوعَ الِاسْتِهْلَاكِ كَانَ فِي حَالِ الْإِذْنِ فَيُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ الْمُقِرُّ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ، وَفِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ، الْخَانِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ كُنْت أَقْرَرْت فِي حَالِ حَجْرِي لِفُلَانٍ بِكَذَا دِينَارًا دَيْنًا فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيُقْبَلُ إسْنَادُهُ الْإِقْرَارَ إلَى حَالِ الْحَجْرِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي إسْنَادِهِ أَمْ كَذَّبَهُ، كَذَلِكَ إذَا أَصْبَحَ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا فَإِقْرَارُهُ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ بِغَصْبِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ مُعْتَبَرًا كَمَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الْمَعْتُوهِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ مَجْلِسَ الدَّعْوَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَعْتُوهِ بِغَيْرِ مَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
اسْتِثْنَاءٌ: إنَّ إقْرَارَ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ الْآتِي لَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَبَا الصَّغِيرِ الَّذِي أَعْطَى الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ كَانَ الْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحٍ: يَعْنِي: إذَا أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ مَالُ أَبِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِأَبِيهِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَإِقْرَارُهُ بِذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى قَوْلٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِوَلِيِّهِ أَوْ لِغَيْرِهِ صَحِيحًا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا (الْقُهُسْتَانِيُّ، أَبُو السُّعُودِ، الْعَيْنِيُّ قَبِيلَ الْغَصْبِ) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ مَالًا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ مَدِينٌ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَبِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute