أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ شَائِعًا.
إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ لَا يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ لَكِنَّ الْحَجْرَ الْعَامَّ قَدْ يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْخَاصِّ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ شَائِعًا أَيْ: إذَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ غَيْرُ الصَّغِيرِ فَيَكْفِي فِي الْحَجْرِ وُقُوفُ الصَّغِيرِ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ أَهْلِ السُّوقِ بِهِ وَفِي الْمُحِيطِ أَصْلُهُ أَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ لَا يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ وَيُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْخَاصِّ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ بِمَحْضَرِ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَحَجَرَ بِمَحْضَرِ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ (الطُّورِيُّ) .
الْخُلَاصَةُ، يُشْتَرَطُ لِتَمَامِ الْحَجْرِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا وُجُوبُ إعْلَامِ الصَّغِيرِ وَإِخْبَارِهِ بِحَجْرِهِ، حَتَّى أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِحَجْرِهِ لَا يَصِحُّ الْحَجْرُ وَلَوْ أَخْبَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّوقِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ هُوَ الصَّبِيُّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ تَبَعًا وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَهْلُ سُوقِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِذْنِ قَائِمٌ، وَلَوْ رَآهُ الْوَلِيُّ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بَعْدَ مَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الصَّبِيُّ فَلَمْ يَنْهَهُ ثُمَّ عَلِمَ الصَّبِيُّ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا، وَوَجْهُهُ أَنَّ سُكُوتَ الْوَلِيِّ حَالَ رُؤْيَةِ عَبْدِهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَجَازَهُ بِرَفْعِ الْحَجْرِ الثَّابِتِ فُلَانٌ يَرْفَعُ الْمَوْقُوفَ أَوْلَى (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا، الطُّورِيُّ) .
الثَّانِي كَوْنُهُ مَعْلُومًا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّوقِ مَثَلًا: لَوْ أَذِنَ عَامًا فَصَارَ مَعْلُومًا لِأَهْلِ سُوقِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ أَيْضًا عَامًا لِيَصِيرَ مَعْلُومًا لِأَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ.
وَقَدْ جُعِلَ عِلْمُ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ كَافِيًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ إعْلَامَ كُلِّ أَهْلِ السُّوقِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَفِي هَذَا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ، وَلَا يَصِحُّ حَجْرُهُ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي دَارِهِ أَوْ فِي السُّوقِ (الزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْحَجْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَتَعَامَلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْحَجْرِ مَعَ الصَّبِيِّ فَيَتَضَرَّرُ، وَعَلَيْهِ لَوْ حُجِرَ عَلَى الصَّبِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَحْضَرِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَكَمَا أَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ مَعَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْحَجْرِ صَحِيحَانِ فَأَخْذُهُ وَعَطَاؤُهُ مَعَ مَنْ يَعْلَمُونَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ كَالْإِذْنِ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّجْزِئَةَ وَكَمَا يَصِحُّ أَخْذُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَجْرِ وَعَطَاؤُهُ مَعَ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ يَصِحُّ أَخْذُ مَنْ يَعْلَمُ بِهِ وَعَطَاؤُهُ مَعَهُ أَيْضًا.
وَمِنْ هَذَا يَثْبُتُ أَنَّ التَّعْمِيمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَجْرِ وَأَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ غَيْرُ صَحِيحٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ الْمَطْلُوبُ لِتَمَامِ الْحَجْرِ لَيْسَ السُّوقُ أَوْ الدَّارُ وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمُ أَكْثَرِ النَّاسِ بِهِ أَيْ: شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ، فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَ الْحَجْرُ فِي السُّوقِ بِحُضُورِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ كَانَ الْحَجْرُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْحَجْرُ فِي الدَّارِ بِحُضُورِ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّوقِ كَانَ الْحَجْرُ مُعْتَبَرًا (الْهِدَايَةُ) وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِنَا (الْإِذْنُ الْعَامُّ فِي الْمَالِ) هُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْحَجْرُ فِي حُضُورِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ عَالِمًا بِالْإِذْنِ وَأَعْلَمَ الصَّبِيَّ كَمَا أَنَّ تَمَامَ الْحَجْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الصَّبِيِّ عَالِمًا بِالْإِذْنِ يَكُونُ بِإِعْلَامِ الصَّبِيِّ بِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إعْلَانِ أَهْلِ السُّوقِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي هَذَا مُنْتَفٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وُصُولُ خَبَرِ الْحَجْرِ: يَلْزَمُ فِي كُلِّ حَالٍ إعْلَامُ الصَّبِيِّ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ أَوْ اشْتَرَى بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ كَانَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ نَافِذَيْنِ، وَلَا حُكْمَ لِلْحَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا وَفِي الطَّحْطَاوِيُّ لَوْ حُجِرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَاشْتَرَى وَبَاعَ كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةً وَالْحَجْرُ بَاطِلًا.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِالْحَجْرِ أَحَدُ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ أَيْ: الْعَدَالَةِ وَالْعَدَدِ، يَعْنِي: إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَلِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute